النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فالتغافُل رفعةٌ، والغفلةٌ دُون‏

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    فالتغافُل رفعةٌ، والغفلةٌ دُون‏

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    التغافل هو، التغاضي وعدم التركيز على الأخطاء والزلات والهفوات الصغيرة،تكرماً وحلماً وترفعاً،عن سفاسف الأمور وصغائرها, وترفقاً بالآخرين، وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً،والتغافل عن الأخطاء ليس تأكيداً للخطأ أو عدم اهتمام،بل ليس سذاجة ولا غباء ولا ضعف بل هو الحكمة بعينها،وخلق التغافل من أخلاق العقلاء فهم يتجاهلون أمورا لإنقاذ الآخرين من الإحراج،
    ومن صفات المتغافل، أنه عند وقوع خطأ بدون قصد يمر مرور الكرام،ولا يلفت الانتباه إليه وقد تري في أخيك عيباً ما ولم يتفطن له،الآخرون وأنت تري أن التنبيه إلي الخطأ سيلفت انتباه الآخرين فينبغي تعمد التغافل
    والتغافل كان خلق النبى صلى الله عليه وسلم(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)التحريم،
    أي، أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،حفصة ببعض ما أخبرت به عائشة معاتباً لها ،ولم يخبرها بجميع ما حصل منها حياءً منه وكرماً،
    وكما قيل،ما استقصى كريم قط ، كما أن بعض النساء، كذلك تدقق في أمور زوجها ماذا يقصد بكذا،
    فكأنهم يبحثون عن المشاكل بأنفسهم،
    كما أن بعض الأزواج يكون عنده عادة لا تعجب الزوجه، أو خصلة تعود عليها ولا يستطيع تركها ،مع أنها لا تؤثر في حياتهم الزوجية بشيء يذكر،إلا أن الطرف الآخر ،يدع كل صفاته الرائعة ويوجه عدسته على تلك الصفة محاولاً اقتلاعها بالقوة، وكلما رآه علق عليها أو كرر نصحه عنها فيتضايق صاحبها ،وتستمر المشاكل،بينما يجدر التغاضي عنها تماماً ،أو يحاول، وليستمتعا بباقي طباعهما الجميلة،
    فلنتغاضى حتى تسير الحياة سعيدة هانئة لا تكدرها صغائر، ولتلتئم القلوب على الحب والسعادة، فكثرة العتاب تفرق الأحباب،
    قال الإمام أحمد بن حنبل ، تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل،
    وقال الحسن البصري، ما زال التغافل من فعل الكرام،
    عن أبي بكر بن أبي الدنيا أن محمد بن عبد الله الخزاعي قال،سمعت عثمان بن زائدة يقول،
    العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل،
    قال الإمام الشافعي، الكيس العاقل؛ هو الفطن المتغافل،
    وقال عمرو المكي رحمه الله ، من المروءة التغافل عن زلل الإخوان ،وعظموا أقدراكم بالتغافل‏،
    قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،من لم يتغافل تنغصت عيشته
    كثيرٌ من الناس قد حصرها حكماء النفوس في خصلةِ التغافُل أو التَّغابي عن المكدرات في الحياة العامة والخاصة، والأسرة وأفراد المجتمع الواحد،
    إنه التغافُل من باب القوةِ لا الضَّعف،والحِلمِ لا العَجز، والصَّبرِ لا الخَور ،لأن اتساع الأذن لكل مسموع واتساع العينِ لكل مرئي كفيلان في تكدير الصفو وتفريق المجتمِع ونَصب خِيام سوء الظنّ في القلب وسط عواصف الشكوك والمِحن والشحناء والبغضاء،
    فلا مَناص حينئذٍ من التغافُل والتّغابي أحيانًا حتى تسير القافلة بأمان ،ومن أخذ بكلّ زلةٍ على كلّ أحد، فلن يبقى له في الدنيا زوجةٌ ولا أخٌ ولا صديقٌ ولا جَار،
    إذ لا يشك عاقلٌ البتّة أن التغافُل، أدبٌ جميل يحملُ صاحبه على تعمد الغفلة والتّغابي مع علمه بما هو متغافلٌ عنه،جلبًا لمصلحة راجحة أو درءًا لمفسدةٍ راجحةٍ،وهو خُلق نبويٌّ كريم ،
    ومما يزيدُ على أن عدم الاستقصاء وتتبُع الزّلات والحرص على سلامة الصّدر
    تُجاه الآخرين وكُره أن يبلُغه شيءٌ مما لا يُسرُّ عنهم إنما هو نهجٌ نبويٌ شريف ،ماجاء في الحديث ،إلى النبيّ،صلى الله عليه وسلم ،أنه قال (لا يُبلّغني أحدٌ من أصحابي عن أحد شيئًا ، فإني أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سليمُ الصّدر )رواه أحمد، وأبو داود والترمذي،
    المرء المحمود هو، ذلكم المتغافل الذكيّ لا المُتذاكي الغافل
    أن التّغابي أو التغافُل المحمود هو، ماحَمل في طياته معنى السّماحة واللّين وغضّ الطرف ، فإنه كلما افتقر التّغابي إلى هذا المعنى فإنه سيصبح حينئذٍ جزءًا من المشاكل لا جزءًا من الحلول ، وهذا سرُّ كثير من الخصومات والأحقاد والتربّص بالآخرين ،
    فإنه ليس من الفتوه التشبّذ بزلّات الآخرين والفرحُ باستحصالها على وجه التّتبُع والحَرث في أرض النّوايا وحملها أكثر مما تحتمل ، ناهيكم عن اغلاق أبواب الأعذار والإعتذار وحمل الأخطاء والزّلات على أقلّ الوجوه سوءً في الظّن وغُلوًا في النّوايا والشّقِّ عن القُلوب،
    بالتغافل، يُلقمُ المرء خصمه حجرًا ويزيده وجعًا إلى وجعه ، ولربما مرّ على لئيم طبعٍ وهو يسبّه فيمضي كأن لم يسمعه ولسان حاله يقول،ربما قصد غيري ،
    ولقد أمرُّ على اللئيمِ يسُبُّني، فمضيتُ ثُمتَ قلتُ لا يَعنيني ،
    فبالتغافُل يقلّ الخصوم وتسمو النفس إلى معالي الأمور وتنأى عن سفسافها، فإن لم يتغافل فأكثر العِتاب تنافر عنه الأهل والجيران والأصحابُ والأحباب،
    هكذا هي، الحياة مع الآخرين ليست صفوًا على الدوام ، لذا فإن من اشتغل في تتبّع الزّلات والمحاسبة عليها والانتقام لها وأهمل خُلق التغافُل في كثيرٍ منها، فإنه سيجدُ نفسه يومًا ما وحيدًا يتقيه جُلّ الناس فضلًا عن كونه ضيع وقته في إفساد قلبه،
    أن التغافُل قيمةٌ رحبةٌ تتّسعُ للجميع،وليست مختصةً بأحدٍ دون أحد، لمن أراد توافقًا في هذه الحياة مع نفسه ومع الناس فلا صفاء دون تغافُل ، ولا وحدة واجتماع دون تغافُل ولا إيثار دون تغافُل ، فهو الكِياسة والسّياسةُ البَارعة التي تُستمالُ بها القُلوب ويخبُو بها العَتب ويعلو الأدب وتُنالُ الرُتب ويبلغُ به المُتغابي الأرب،
    لذلكم فإنه لا يُحسنُ التغافُل إلا ذوو العقولُ النّيرة والقُلوبُ الكبيرة ومن سواهم ،فبئس القُلوبُ قُلوبُهم وبئس العُقولُ عقُولهُم،
    أن المؤمن كيسٌ فَطن ، نصّاحٌ لمّاح ، يميزُ بين الغَباء والتّغابي ، والغفلة والتغافُل،
    فالتغافُل رفعةٌ، والغفلةٌ دُون ، فتغافلوا عن الحسن وأظهروا القبيح ، وجعلوا إحقاق الحقّ وإبطال الباطل داخلًا في التغافل المحمود حتى عبثت به فلسفة التغافُل عندهم لما فيها من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ،
    قال الإمام الشافعي،الكيس العاقل؛ هو الفطن المتغافل،
    وكفانا قول المصطفى (يبصر أَحدكم الْقَذَاةَ فِي عينِ أَخيه وينسى الجِذع فِي عينه)
    اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين
    ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )




  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس
    بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
    وجزاك ربي جنة الفردوس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •