قيمته تتجاوز في بعض الأحيان 100 ألف دولار.
طفرة سوق العقار تفرز ظاهرة 'الخلو' لأول مرة في قطر
الاسواق القديمة في الدوحة تساهم في ارتفاع الايجارات
02/07/2006 الدوحة - القبس:
افرزت الطفرة الكبيرة التي يشهدها سوق العقارات القطري والارتفاعات القياسية لاسعار المساكن والاراضي والايجارات ظاهرة جديدة في قطر لم تكن موجودة من قبل وهي ظاهرة 'الخلو'.
لقد اضحت هذه الظاهرة الجديدة على سوق العقارات القطري تجارة رائجة بالنسبة الى الكثير من السماسرة والوسطاء العاملين في سوق العقار، في حين يحقق بسببها كل من الملاك والمستاجرين الذين يريدون اخلاء العقار التجاري مكاسب مجدية واحيانا فاحشة كما اصبحت توصف.
ويبدو ان استمرار قلة المعروض في سوق العقارات القطري مقابل حجم الطلب الهائل، خصوصا على المحال التجارية هو ما اصبح يغذي ظاهرة 'الخلو' الى درجة تكاد تصبح عرفا بالنسبة لأي مستأجر يريد الخروج من متجره، حيث اصبح يطلب مبلغا معينا بدل خلو مقابل خروجه.
يقول سماسرة ان قيمة خلو بعض المحال والمكاتب التجارية الذي يدفع للملاك والمستأجرين يصل في بعض الاحيان الى نحو 400 الف ريال (109 آلاف دولار).
قيمة هذا الخلو، بحسب ما افاد احد السماسرة، تعادل وربما تفوق قيمة العقار ذاته، خصوصا في بعض المناطق التي توصف ب'الحيوية' مثل الاسواق التجارية والشوارع الرئيسية التي تتميز بنشاط كبير.
ويعتقد هذا السمسار، الذي فضل اغفال اسمه، ان الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده قطر يساهم بقوة في دعم بروز ظاهرة الخلو في سوق العقارات.
العرض والطلب
ولم يتوقف الامر عند حد هذه الظاهرة، فقد سجلت ايجارات المحال والمكاتب التجارية في مختلف مناطق العاصمة القطرية الدوحة ارتفاعا ملحوظا خلال العام الحالي، ويقول خبراء عقاريون ان الزيادة في قيمة ايجارات المحال التجارية تراوحت هذا العام بين 100 و150 في المائة مقارنة مع ما كانت عليه في عام 2005، مؤكدين ان هذه الزيادة انما نتجت عن الفجوة الكبيرة في معادلة العرض والطلب، ما يجعلها تنسجم مع الوضع العام لسوق العقارات، عدا عن ان ارتفاع اسعار الاراضي وزيادة تكلفة البناء خلال الفترة الفائتة اديا الى ارتفاع قيمة العقارات، وبالتالي ارتفاع الايجارات سواء كانت لعقارات سكنية او تجارية.
ويضيف خبراء العقار موضحين ان هدم العديد من المناطق المهمة في العاصمة الدوحة من اجل اعادة بنائها من جديد ساهم في تعميق اثر ظاهرة 'الخلو'، خصوصا مع عدم اكتمال العديد من مشروعات تلك المناطق حتى الآن، الامر الذي ادى الى ندرة العرض مع تزايد الطلب على العقارات التجارية.
احمد العروقي، مدير عام شركة عقار للتطوير والاستثمار العقاري القطرية، عزا بروز ظاهرة الخلو للمحال والمكاتب التجارية الى ندرة العرض الناجمة عن عدم استحداث شوارع تجارية جديدة، متسائلا عن الشق القانوني المتعلق بطلب الخلو، كون ان عقد الايجار بين المالك والمستأجر لا ينص عادة على وجود خلو، ما يستوجب موافقة المالك الاصلي على الخلو الذي يطلبه المستأجر القديم من المستأجر الجديد، لان الملاك الاصليين لا يطلبون خلوا لمحلاتهم التجارية، وبما ان المالك الاصلي هو الذي يوقع عقد الايجار، فان موافقته على الخلو تعد امرا اساسيا، والا فان المستأجر القديم سيقع في مشاكل قانونية.
شوارع تجارية جديدة
واوضح العروقي ان مستويات ايجارات المحال التجارية تنمو بوتيرة متصاعدة في قطر، مؤكدا انها قفزت بنسبة تقدر بنحو 150 في المائة خلال العام الحالي مقارنة مع عام 2005.
وقال ان حاجة السوق القطري الى المحال التجارية اصبحت تفرض نوعا جديدا من المجمعات والمراكز التجارية التي تضم عددا كبيرا من المحال والمكاتب التجارية، داعيا الى ضرورة انشاء شوارع تجارية جديدة للتخفيف من حدة الفجوة القائمة حاليا بين العرض والطلب.
وتوقع العروقي ان تشهد الفترة المقبلة بناء محال تجارية في قطر باعداد اكبر تواكب تنامي حجم الطلب على المحال والمكاتب التجارية، ما سيؤدي الى ثبات اسعار الايجارات التجارية في نهاية المطاف.
وبحسب ما يفيد العديد من المحامين ورجال القانون القطريين، فان ظاهرة الخلو لا يوجد ما يسندها في القوانين والتشريعات المنظمة للعلاقة بين المالك والمستاجر، ولا يوجد ما ينص او ما يشير حتى الى شرعيتها.
يقول المحامي القطري يوسف بهزاد ان لجوء اي شخص الى طلب الخلو للمحال والمكاتب التجارية يعد امرا مخالفا للقانون، لان الرابط بين المؤجر والمستأجر هو عقد الايجار الذي لا ينص على اي بند يتعلق بطلب الخلو، موضحا ان الخلو عادة يطلبه المستأجر القديم من المستأجر الجديد، ولكن من حق المالك الاصلي للعقار ان يعترض على الخلو، ومن ثم البحث عن مستأجر بنفسه.
وقال بهزاد ان بعض المستأجرين يطلبون الخلو تحت ستار بيع الديكور والاثاث، وان بعض ملاك المحال التجارية يأخذون نسبة من الخلو نظير موافقتهم.
غلاء فاحش
وعلى الرغم من ان الخلو يشكل مخالفة قانونية، فان الخبير العقاري جمعة المغربي يؤكد انه ليس بجديد على السوق القطري، يقول: لقد كان معمولا به منذ فترة طويلة، ولكن على نطاق ضيق وبقيم نقدية بسيطة، لذلك الجديد في الخلو في قطر ـ والكلام للمغربي ـ هو تحوله الى ظاهرة، لأسباب تعود الى ندرة العرض وتنامي الطلب على المحال والمكاتب التجارية، لافتا الى ان قيمة الخلو ارتفعت بشكل واضح في السنتين الاخيرتين وبلغت مستويات كبيرة تفوق اسعار المحال المؤجرة ذاتها.
وضرب المغربي مثلا على الغلاء الفاحش الذي تشهده ظاهرة الخلو، مشيرا الى ان احد المحال التجارية متوسطة المساحة في شارع تجاري في الدوحة دفع فيه خلوا بقيمة 280 الف ريال (76.9 الف دولار).
وقال ان ندرة المحال التجارية ادت الى ظهور فلل تجارية بدلا من المحال والمكاتب، متوقعا ان يشهد الطلب على المحال التجارية تناميا كبيرا، بالنظر الى التطورات الاقتصادية والتجارية التي تشهدها قطر في الوقت الراهن.
لكن المغربي استدرك قائلا: ايجارات المحال والمكاتب التجارية مرشحة الى الاستقرار عندما تكتمل المشاريع العقارية التجارية التي تبنى حاليا، حيث سيؤدي ذلك الى زيادة العرض وبالتالي استقرار الايجارات، مؤكدا ان الارتفاع الحاصل في الايجارات سببه قلة العرض نتيجة عوامل عديدة ابرزها هدم العديد من البنايات التجارية القديمة وتزايد الطلب على العقارات التجارية نتيجة الاقبال الكبير على الاستثمار في دولة قطر.
وكانت اجرة محل تجاري في احد شوارع الدوحة المهمة يؤجر العام الفائت بايجار شهري يتراوح ما بين 8 الى 11 الف ريال، لكن خلال العام الحالي ارتفع ايجار المحل نفسه ليتراوح ما بين 15 الى 20 الف ريال مع خلو بقيمة 300 الف ريال، كما قفز ايجار المكتب التجاري من 5 آلاف ريال الى 15 الفا.
تنامي حجم الطلب
الخبير العقاري حمد محمد المري قال ان ندرة المحال والمكاتب التجارية افرزت ظاهرة الخلو على نطاق واسع للمرة الاولى في قطر، لافتا الى ان بعض السماسرة اصبحوا يستغلون تنامي الطلب على العقارات التجارية من خلال قيامهم باستئجار المحال والمكاتب التجارية من الملاك الاصليين واحداث تغييرات طفيفة في الديكورات، وعقب مرور ثلاثة الى اربعة اشهر، يقومون بتاجيرها للباحثين عن محال تجارية بايجارات باهظة وبخلو مبالغ فيه يصل في كثير من الحالات الى 150 الف ريال، وذلك بهدف تحقيق الربح السريع، حيث ان خلو المحل التجاري اصبح يتراوح بين 100 الف الى 200 الف ريال.
وتوقع المري استمرار ظاهرة الخلو التجاري الى حين تلاشي الفجوة بين العرض والطلب، لكنه شكك في تحقيق تلك المعادلة خلال وقت قريب، بسبب التوقعات المتعلقة بتنامي الطلب على المكاتب والمحال التجارية بشكل كبير خلال الفترة المقبلة ولمدة لا تقل عن خمسة اعوام.
وقدر المري نسبة ارتفاع الايجارات التجارية خلال العام الحالي بالقياس مع العام الفائت باكثر من 100 في المائة، موضحا ان هذا الارتفاع ناجم عن انتعاش الحركة الاقتصادية والتجارية في قطر مع قلة العرض من المحال التجارية وزيادة الطلب عليها.
وقال ان تنامي اعداد السكان واعداد الوافدين في البلاد ادى الى زيادة الطلب على المحال التجارية بمختلف انواعها، مما ادى في النهاية الى ارتفاع الايجارات.
المري اضاف قائلا ان نسبة الارتفاع في الايجارات تزداد في المناطق ذات النشاط التجاري المتميز والكثافة السكانية العالية، مؤكدا ان الخلو اصبح شرطا اساسيا لاستئجار المحال التجارية القديمة.
تاجير من الباطن
لكن المري نفى ما يتردد في كثير من الاوساط القطرية من ان اسعار الايجارات مرشحة لانخفاض كبير عقب انتهاء دورة الالعاب الآسيوية التي ستستضيفها الدوحة مطلع ديسمبر المقبل، مؤكدا ان طفرة سوق العقار وارتفاع الاسعار والايجارات لا ترتبط بدورة الالعاب الآسيوية بقدر ارتباطها بالنهضة الاقتصادية التي تشهدها قطر حاليا التي ستستمر خلال السنوات المقبلة، خصوصا ان هناك العديد من المشروعات العملاقة التي ستتخلل هذه النهضة.
ويعتقد احد المتعاملين في سوق العقارات القطري ان ارتفاع ايجارات المحال والمكاتب التجارية في السوق المحلي ساهم فيه بشكل كبير ارتفاع اسعار الاراضي وزيادة اسعار مواد البناء، مما ادى الى زيادة تكلفة العقار، الامر الذي دفع بالملاك الى رفع قيمة الايجار من اجل الحصول على عوائد مادية ومكاسب تتناسب مع تكاليف البناء.