النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: إذا رأيتني غاضباً فرضّيني، وإذا رأيتك غضبى رضّيتك

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    إذا رأيتني غاضباً فرضّيني، وإذا رأيتك غضبى رضّيتك

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    المحافظة على كيان الأسرة
    أين قائدها،إنه في الصباح يكدّ في عمله، وفي الظهيرة مستلقٍ على فراشه،ولا يعود إلا مهدود الجسم، وبهذا يفقد القدرة على تربية الأولاد، والمرأة حين تخرج للعمل صباحًا، وإلى الأسواق والجارات والمشاغل والحفلات مساء، فيصبح البيت حديقة مهجورة،على الأبناء محرومة من الأب والأم، حتى أصبحت بعض البيوت محطة استراحة للزوجين، أما الأبناء فعلاقتهم بالآباء علاقة حسن الجوار،
    عن ابن عثمان النهدي قال، كان أبو هريرة،رضي الله عنه،وامرأته وخادمه يتعقبون الليل أثلاثًا، يُصلي هذا، ثم يُوقظ هذا، ويصلي هذا، ثم يُوقظ هذا،
    هذه الأُسر بمنهجها هذا، تمثل قلعة من قلاع الدين، إنها أُسر مؤمنة في سيرتها، متماسكة من داخلها، حصينة في ذاتها، مثلها الأعلى أُسوةً وقُدوةً رسول الله،صلى الله عليه وسلم، أُسر قائمة على الاستمساك بشرع الله المطهر، الصدق والإخلاص، والحب والتعاون، والاستقامة والتسامح، والخلق،
    والحديث عن الأسرة له أهميته، فهي حجر الزاوية في بناء المجتمع، والقاعدة التي يقوم عليها بناء الأمة،
    لقد كانت الأسرة تُمثل أهم عناصر النبوغ، وزرع الهمة العالية منذ نعومة أظفارهم،
    وهل يمكن لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، أن يقوم بواجبه في تجديد الدين، ويتهيأ له، لولا البيئة الصالحة والأسرة الكريمة التي وجهته إلى المعالي، وبذرت الهمة العالية في قلبه منذ الطفولة،
    لهذا عُني الإسلام ببناء الأسرة وأحكامها من بدء الخِطبة إلى عقد الزواج، وبيّن واجبات الزوجين، والأبناء، والأقربين، شرع النفقات والطلاق، والميراث،وأحاط الأسرة بالرعاية والحماية، وأمَّن لها الاستقرار والمودة،ولحفظ الأسرة بيّن الإسلام أسباب الألفة ووسائل حسن المعاشرة، وشيَّد صرح المحبة بين أفرادها بتأسيس حقوق معلومة،وحذر الإسلام من هدم الأسرة، وحثَّ على تماسكها، ونفر من زعزعة أركانها، وانفصام عراها،
    وإذا اشتدت الأزمات شرع الطلاق في أجواء هادئة، بمعزل عن أحوال الغضب الهوجاء.
    إن الكيان الأُسَري ليس امرأة فقط، وليس رجلاً أيضاً، إنما هو كيان متكامل، للمرأة وظيفة أنثوية، وللرجل وظيفته المكملة، ولو تعاضدا وتشاورا، وأدَّى كلٌّ منهما رسالته في التربية والبناء لما أصيب السواد الأعظم من الأسر بالفشل، والضعف، والمشكلات المزمنة،
    وإنك لتحزن لذلك من السموم عبر الفضائيات العربية والأجنبية لمسخ الأسرة المسلمة، وهدم نظامها بالدعوة إلى تحرير المرأة، والتمرد على قوامة الرجل،ونزع الحجاب،بتزيين العري والاختلاط، وتعدد الزوجات،ثم أفسدوا القلوب بعلاقات مشينة سموها صداقة،وزمالة،
    حين تنشأ الأسرة على قاعدة هشّة من الجهل بمقاصد الزواج، والحقوق الشرعية المتبادلة، وفنّ التعامل، بحيث يكون الزوجان لم يُهيآ لتحمل مسؤولية الحياة وتبعاتها، فيكون السقوط السريع عند أول عقبة في دروب الحياة،
    ذلك أنهم يظنون أنها حياة تمتُع دائم لا ينقطع، وسرور لا يُنغّص، وبهجة لا تنطفئ، مع أحلام وردية،
    لهذا نرى من حالات الطلاق بلا أسباب مقنعة أو خلافات جوهرية، بل تذهل لسماع قذائف من ألفاظ تحمل في طياتها طلاقًا بائنًا، لا تُراعى فيه ضوابط الشرع،والبيت الذي كانت تظلله سحائب المحبة والوئام، يكسر بالجهل والغرور، والمكابرة والعناد وهوج التفكير،
    وما أفظعها من خاتمة مروعة موجعة، هي قرة عين الشيطان، فعن جابر،رضي الله عنه،عن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول،فعلت كذا وكذا، فيقول،ما صنعت شيئاً قال، ثم يجيء أحدهم فيقول،ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته قال،فيدنيه منه،ويقول،نعم أنت، فيلتزمه)أخرجه مسلم،
    والشيطان حين يفلح في فك روابط الأسرة، لا يهدم بيتًا واحدًا، ولا يضع شرًّا محدودًا، إنما يوقع الأمة جمعاء في شر بعيد المدى، ذلك أن الأمة التي يقوم بناؤها على لبنات ضعيفة، من أُسر مخلخلة وأفراد مُشَردين، وبنات وأبناء مكتئبين لن تحقق نصرًا، ولن تبلغ عزًّا، بل تتداعى عليها الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعة الطعام،
    أيها الأزواج، إن الحياة الأسرية لا تخلو من مكدرات ومتاعب،ثم لا تلبث أن تنقشع غيومها، وتتذلل عقباتها، ويذوب جليدها بالصبر والحكمة، وضبط النفس، والفطنة، فمن من البشر لا يخطئ، من من الناس بلا عيوب، ومن منهم لا يغضب أو يجهل،
    وما أعقل وأحكم أبا الدرداء،رضي الله عنه،وهو يخاطب زوجته(إذا رأيتني غاضباً فرضّيني، وإذا رأيتك غضبى رضّيتك،وإلا لم نصطحب)
    ومن الأخطار المحيطة بالأسرة، تأرجح مفهوم القوامة بين الإفراط والتفريط، فهي عند فريق من الناس قسوة من الزوج تنتشر في أرجاء الدار، وعواصف من الرهبة والفزع، وعبوس لا استعطاف معه ولا حوار، في جو قهري يتمثل في التنفيذ دون مناقشة ولا تردد، وهي عند فريق آخر تتمثل في ميوعة يفقد البيت فيها قوامة الرجل، وفي فوضى مروعة في إدارة شؤون الأسرة،
    والأدهى أن يكون ربّ الأسرة حاضراً جسداً مفقوداً تربيةً وقيادةً، فتشق سفينة الأسرة طريقها في الحياة، فتتمايل بها الأهواء، وتتجاذبها العواصف دون أن يكون لها قائد يضبط حركتها، وقيّمٌ يوجّه سيرها،
    إن رب الأسرة حاضرٌ جسدًا ومادةً، لكنه غائبٌ إصلاحًا وتوجيهًا يغفل من متطلبات التربية والبناء،
    إن القوامة الفعّالة تعني القدوة في الإيمان والاستقامة، ليست مجرد توفير طعام وشراب، وملبس ومسكن، إنها مسؤولية الاضطلاع بشؤون أسرة كاملة، تبدأ من الاهتمام بشؤون شريكة الحياة الزوجة، أخلاقها وسلوكها، ثم لا تلبث أن تشمل الأبناء والبنات، إنها مسئولية صنع أبناء الأمة وبناتها،
    القوامة ليست لهواً وعبثاً، ونوماً متواصلاً، إنما هي عمل، وتخطيط، وجهد متواصل في مملكة البيت للمحافظة على أمنه واستقراره،ذلك أن الطفل يُولد صافي السريرة، سليم القلب فعلينا تعليم أُسرِنا عقيدتها، وأن نُسلحها بسلاح التقوى؛ لتحقيق مجتمع أسمى وأمة أقوى،

    اللهم وسع علينا آفاق الرزق، وبارك لنا فيه، وارزقنا القناعة بما قسم لنا منه، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا برحمتك يا أرحم الراحمين،وانصرنا على من عادانا،أللهم آمين.



    اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة سخاءً رخاءً،ومن أراد بنا شراً فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره،
    اللهم أدم أمنك وأمانك علينا واحفظ أميرنا وسدد خطاه،واحفظه من كل سوء ومكروه،واحفظ لنا إيماننا واستقرارنا وصلاح ذات بيننا، اللهم آمين يا رب العالمين.


  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس
    بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
    وجزاك ربي جنة الفردوس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •