بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حق الأم وحق الزوجة
قال تعالى(خَلَقَ ألْإِنسَـانَ مِن نُّطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ)النحل،
خلق الإنسان من ذكر وأنثى ليعمر الكون وتبقى الحياة على الأرض، وذلك أدعى للألفة والتوافق بينهما،
وكانت سنة الله في الكون الزواج لإبقاء النسل ولنقوم بمهمة الاستخلاف في الأرض التي استخلفنا الله بها،
الزواج رباط مقدس بين الرجل والمرأة جمعهما بكلمة الله وأقام على كل طرف حقوق وواجبات لتبقى سفينة الحياة تسير باتجاهها الصحيح
ولكن هناك الكثير من المعوقات التي قد تجنح بالسفينة عن بر الأمان إن لم يكن هناك تقوى لله، في كثير من الأفعال والتصرفات من كلا الطرفين،
يوجد بعض المشاحنات التي تقع بين الكنة والحماة ولكنها يجب أن لا تصل إلى درجة العداوة وذلك لا يكون إلا إذا تعاملنا معها بحسن خلق وتقوى من الله،
ففي البداية علينا أن نعلم أن حق الزوجة وحق الأم لا يتعارضان أبداً،إلا لمن تتعمد خلق النكد والمشاكل،
علينا أن نعلم أن حق الأم مقدم على حق الزوجة، وأن حق الزوج وإرضاءه مقدم على حق الأهل وإرضاءهم بالنسبة للزوجة،لأن رضا الزوج وطاعته قد لا تحصل إلا بالتقرب من أمه،
وقد تكون بداية المشاحنات،
أولاً،شعور الأم بأن ابنها الذي تعبت في تربيته وسهرت عليه الليالي قد طار من يدها واستلمته الزوجة بكل سهولة،وتتناسى أن هذه هي سنة الكون،وهي قد استلمت زوجها من قبل من أمه بكل سهولة،
ويأتي العامل الثاني ،وهو الغيرة من اهتمام الولد بزوجته والتكلم عنها أمام أمه دائماً، وذكر خصالها الحميدة وغير ذلك مما يشعر الأم أنها تنحت جانباً في حياة ابنها ولم تعد في المرتبة الأولى في حياته مما يدفعها إلى اختلاق المشاكل وتعداد عيوب الزوجة كما تراها هي،
وعلاج ذلك أن يتجنب الولد كثرة المدح بزوجته أمام أمه،دون أن يذمها بما ليس فيها
وتبقى للأم مكانتها مهما كانت تصرفاتها،والزوجة الذكية هي التي لا تحاول كسب رضا زوجها على حساب أمه،
فإن حصل ذلك ومال لزوجته أكثر وغضبت عليه أمه والزوجة هي الخاسرة،
لأن رضا الوالدة يعم الأبناء والأحفاد،فعندما يكسب الزوج رضا الأم ينتقل الرضا والتوفيق للأبناء وفي هذا مكسب للزوجة
ولا تنسى الزوجة أنها ستصبح حماة يوماً ما،وما كانت تفعله مع حماتها ستجده مع كنتها فلتزرع خيراً لتحصد خيراً،
وإن زاد تدخل أم الزوج في حياة ابنها أكثر من اللازم، فيمكن للإبن وليس للزوجة بكلامه الجميل والتودد إلى أمه وإفهامها أنها الأصل وأن لزوجته حق لا يتعارض مع حقها ويحاول أن ينقل عن زوجته كلام جميل عنها وأنها تحبها وتكن لها كل خير وحتى وإن لم تقل ذلك،
وكذلك بنقل لزوجته كلام أمه الطيب عنها وأنها تحبها وتعتبرها مثل ابنتها،ولو لم يكن ذلك صحيحاً ،فذلك يخفف التوتر في العلاقة بين الأم والزوجة،
ومن أكثر ما يدعوا إلى المشاكل حينما تتعمد الأم أن تحرج زوجة ابنها أمام الناس، أو تعاملها كأنها خادمة في بيتها وعليها القيام بكل شيء،وبناتها أمامها ولكنها تخاف على تعبهم، وتبرر لهم هذه مريضة وهذه متعبة وهذه لاأطلب منها،وغير ذلك من الحجج وتعتمد في كل الأعمال على زوجة الإبن،وإن كان هناك ذهاب لمكان ما أو تسلية أو خروج لنزهة فمن الأفضل أن تكون الأولوية لبناتها،
وأن أم الزوج هي المسؤولة عن العلاقة مع زوجة ابنها، فإن عاملتها كإبنتها فستسعد هي وابنها وزوجته،
وإن أظهرت العداوة سيأكلها الحقد وستفسد حياة ابنها، الذي كانت تتمنى اللحظة التي ستزوجه بها وتفرح به،وإذا بها تسعى في خراب بيته وخلق المشاكل وبث العداوات،لو استخدمت الأنانية من أحد الطرفين،
ونصيحة للزوج لا ترضي أحد الطرفين على حساب الآخر وليحرص ما أمكن على كسب رضا أمه وبرها فهي أحد أبواب الجنة،
وعليه أيضاً أن يرضي زوجته فهي أيضا لها حقوق عليه،
ولنجعل نصب أعيننا أن الدنيا زائلة وهي دار شقاء وليست دار سعادة، وإن صفى لنا يوم تكدر آخر،
فإن لأم الزوج حقوقاً كثيرة على زوجة إبنها، ولا شك أن مساعدة المرأة لأم زوجها في أمور الطبخ وما شابهه عنوان على فضلها وحرصها على الخير لأنه أمر محمود بين جميع الناس،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم(والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)صحيح الترمذي،وصححه الألباني،
وعن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)صحيح الجامع،وصححه الألباني،
ولا شك أن أم الزوج هي من أولى الناس بهذا العون،
هذا إلى جانب أن في ذلك طاعة للزوج وكسباً لوده،
أما إن رفضت الزوجة ذلك فليس على الزوج جبرها على ذلك،ولا ينبغي للزوج أن يقاطع أهلها لهذا السبب إذ ليس من شيم أهل الفضل والخلق الحسن أن يفعلوا هذا، بل إن من طبعهم الإحسان إلى أصهارهم بما في ذلك صلة أرحامهم وزيارتهم وترك ابنتهم تزورهم وتصلهم،
قال رسول الله(الكلمةُ الطيبةُ صدقة)المحدث،ابن حبان،
الزوجة الذكية هي،التي تعلم كيف تكسب أم زوجها بالكلمة الحسنة،والعمل الصالح ولتجعل عملها خالصاً لوجه الله،
امرأة الزوج،كانت في بداية زواجها تبقى في البيت ولا تزور أم زوجها إلا قليلاً وحتى عندما تزورها تجلس وكأنها ضيفة، وفي يوم من الأيام فكرت هذه الزوجة بهذا الوضع بينها وبين أم زوجها فقررت أن تتغير وتكسب أم زوجها وتزيل الحائط الذي بينهما،وتتقرب إليها بالمودة والإحسان،فأصبحت عندما تذهب تقوم وتساعد عمتها (أم زوجها) بالتنظيف والترتيب،وتقربت إليها بالمعاملة الحسنة وإذا غابت أم زوجها تطبخ الطعام في بيتها وعندما ترجع عمتها تحضره لها،فأصبحت أم الزوج لا تستغني عنها وتفتقدها عندما تغيب، وصارت هذه الزوجة أعز من ابنتها،على قلب أم زوجها،
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في زوجته،وليس له أن يربط علاقته بزوجته بعلاقتها بأهله،وأن عليه هو مسئولية جسيمة في التوافق والترابط بين زوجته وأهله،وأن مثل هذه العلاقات الودية لا تأتي بالأوامر للزوجة بخدمة أهله،بل يكون ذلك بالتودد،والتلطف معها،مع وجود جو من المحبة،والمودة بين كافة الأطراف،وهو ما نحمله هو المسؤولية الكاملة عنه،فيستطيع استثمار علاقته بالأطراف جميعها ليجمع بينهم على المحبة والمودة،
وأن تفكر الزوجة أن تحضر هدية إلى أم زوجها، قال رسول الله(تهادوا تحابوا)صححه الألباني،
الإحسان لأم الزوج له منافع كثيرة للزوجة،
محبة الله،
زيادة حب الزوج لزوجته،
تساعد الزوج في بر والديه وتأخذ بيده إلى الجنان،
وإذا كانت الأم عصبية ولا ترضى مهما فعلت الزوجة فعلى الزوجة الصبرعلى البلاء،وأن تجعل عملها خالصاً لوجه الله،وأهم شيء النية تكون لله وتكون لزوجها عون على الحياة،
على الأم أن تتقي الله، فكما تزوجت ومرت بنفس التجربة وأخذت في يوم من الأيام زوجها من أمه فبالمثل زوجة ابنها،واعلمي أن أهل زوجكِ هم بالفعل أهلكِ،
أسأل الله أن يعيننا على بر والدينا،وكسب رضا أزواجنا،والصفح عن زلات الآخرين بحقنا،
ولا نحمل حقداً ولا غلاً ولنعف ليعفو الله عنا،أدام الله السعادة على الجميع في الدنيا والآخرة.