يا دول الحصار : لموا كلابكم
حصار قطر
د.محمد بن علي الكبيسي
في يوم 5/ 6/ 2017 قررت دول الثلاثي الخليجي الخائن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وتبع ذلك قيامها بحصار قطر من البر والبحر والجو. وشارك هذا الثلاثي الخائن كل من مصر السيسي، ويمن هادي، وليبيا حفتر، ومالديف عبدالله يمين، وجزر قمر غزالي عثمان، وموريتانيا محمد ولد عبدالعزيز. أما أردن عبدالله الثاني، وجيبوتي اسماعيل عمر جيله، فقد أعلنتا تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع قطر.
ولم تقدم تلك الدول، التي حاصرت قطر، حتى الآن، الأسباب أو الدوافع وراء ذلك الحصار. لكن الذي نعرفه أنها قامت بترويع المواطنين والمقيمين في قطر عن طريق منع التبادل التجاري بينها وبين قطر، ومنع مرور أي بضائع دولية تمر من خلال أراضيها، أو عبر أجوائها، أو مياهها الإقليمية، متناسين حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً"، وقوله صلى الله عليه وسلم "من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي" فما بالكم بمن قطع على أخيه زاده وقوت يومه. وفعلاً أصيب المواطنون والمقيمون في اليوم الأول من الحصار بالهلع والروع. ولكن الحكومة القطرية المباركة خرجت للمواطنين والمقيمين قائلة "إن لدينا مخزونا كبيرا من المواد الغذائية والأساسية تكفي لمدد طويلة". ولم تكتف الحكومة بذلك بل قامت على الفور بالعمل على محورين أساسيين هما: 1. البحث عن مصادر بديلة، ومن دول مختلفة، لضمان تدفق السلع باستمرار. 2. العمل على تفعيل ودعم المنتج المحلي للوصول إلى درجة عالية من الاكتفاء الذاتي. والحمد لله، نجحت الحكومة وبتميز. وفي خلال يومين شعر كل سكان قطر بأن الحصار لا يمثل أي خطر حقيقي، وعادت الحياة إلى طبيعتها. ومن هذا المقام فإنني أوجه شكري الجزيل للحكومة القطرية، وعلى رأسها أخي معالي رئيس مجلس الوزراء، على ما بذلوه من جهد صادق كان له أكبر الأثر على تجاوز آثار الحصار السلبية من اليوم الأول، وإبطال المخطط بتركيع قطر لتحقيق مطالبهم، حتى أصبحنا نشعر أننا لسنا محاصرين، بل على العكس فقد زادت المنتجات الاستهلاكية، وتنوعت من مختلف دول العالم، وأصبح لدى المستهلك خيارات كثيرة، وبأسعار تنافسية. وبعد أن افاق المجتمع من الصدمة بدأنا نرى رد الفعل من أفراده وذلك بقيامهم بقراءة بلد المنتج قبل شرائه، وإذا ثبت أن مصدره دول الحصار يتم إرجاعه على الرف. وبدأت أصوات جميع السكان ترتفع بالمطالبة برفع ما تبقى من بضائع دول الحصار من المحلات والمجمعات التجارية، والاقتصار على المنتج المحلي، ومنتجات الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت مع قطر في أزمتها الحالية. وتماشياً مع المطالب الجماهيرية فقد أطلقت وزارة الاقتصاد والتجارة حملة "دعم المنتج المحلي". أما غرفة تجارة وصناعة قطر، التي تتلقى تعليماتها من الحكومة، فقد أعلن نائب رئيسها بأن "أي بضاعة منشأها دول الحصار ستكون مرفوضة، وفق التعليمات التي تلقتها الغرفة والمؤسسات الأخرى ذات الاختصاص، وإن شحنت من بلد آخر". لكن الدسائس استمرت على قطر، فها هي "وول ستريت جورنال" كتبت أن السعودية تجري مشاورات بينها وبين تركيا لاقناع قطر بالعدول عن قرارها الذي يمنع دخول أي من منتجات دول الحصار بسبب تضرر مصالح كبار تجارهم". سبحان الله.. يخافون على مصالح تجارهم ولا يخافون على مصالح شعب بأكمله. والمشكلة أنهم نجحوا فى المحافظة على مصالح تجارهم، ولذلك نجد بضائع هؤلاء التجار دخلت السوق القطري، ولسان حالهم يقول "طز" في مصالح الشعب القطري. وبدأت شركات الخدمات اللوجستية في نقل بضائع دول الحصار إلى قطر عبر تركيا وعمان والكويت والعراق وإيران. إننا كقطريين شعب متسامح، لكننا أيضاً شعب عنيد بخاصة ضد من قام بترويعنا. إننا نحمل مسئولية تواجد بضائع دول الحصار في قطر على وزارة الاقتصاد والتجارة، والهيئة العامة للجمارك، وغرفة تجارة وصناعة قطر، ولولا إرخاء قبضتهم لما رأينا بضائع دول الحصار على أرفف المحلات والمجمعات التجارية. والغريب أن مجمعا من المجمعات الشهيرة كتب، بعد أن شن المجتمع حملة لمقاطعته، أن "كل منتج يدخل البلاد هو بعلم الوزارات والإدارات المختصة". وقال هذا المجمع في بيانه إن "بضائع دول الحصار موجودة في كافة المجمعات التجارية، فالدولة سمحت بإدخال البضائع من دول الحصار بشكل غير مباشر". إن هذا العمل جعل القطريين ينقلون شكواهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي للأجهزة المختصة. وبدأنا نرى، ولأول مرة، تفككا في التماسك الداخلي ما بين مؤيد دخول بضائع دول الحصار، وهم قلة قليلة، وما بين معارض، وهم الكثرة. وبدأت الثقة الكبيرة في الإجراءات الحكومية في التراجع، وهذا أمر لا نرغب في الوصول إليه ويجب أن نحذر منه لقوله تعالى "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ"، بخاصة أن الحصار مستمر. إننا كشعب قطري لا نرغب فى الحصول على أي بضاعة من دول الحصار، ولا نرغب في التعامل معهم، حتى أننا لا نرغب في السماع لمطربيهم الذين تغنوا بالحصار وبسب دولة قطر ورموزها.
وفي الختام نقول للجهات الرسمية حافظوا على الجبهة الداخلية متماسكة، لأن القوة في قهر دول الحصار لا يأتي إلا بتماسك الجبهة الداخلية، ويجب في هذا أن نكبد تجارهم الخسائر الكبيرة ليشعروا بوطأة الحصار ليقوموا بالضغط على حكوماتهم بالمطالبة برفع الحصار أو بتعويضهم بالقيمة المناسبة مقابل ما خسروه مما سيزيد الأعباء المالية على تلك الحكومات التي تعاني أصلاً من شح خطير في السيولة النقدية. ونقول للتجار القطريين الذين يستوردون بضائع دول الحصار إنه بعملكم هذا فقد خنتم وطنكم، ونحن، إن شاء الله، لكم بالمرصاد. ونقول للشعب القطري، من مواطنين ومقيمين، بارك الله فيكم ولنستمر في دعم المنتجات الوطنية ومنتجات الدول الشقيقة والصديقة ولنحارب تلك المنتجات التي ترد لنا من دول الحصار. ونقول لدول الحصار "لموا كلابكم" عنا، لأنكم بالسماح لهم فقد قاموا بكسر حصاركم الغاشم على قطر، وهذا أمر لا تريدونه أنتم، ولا نريده أصلاً حتى نحن. ونقول لمسئولي إحدى القنوات الإذاعية "استحوا على وجيهكم"، إن مطربيهم يسبوننا ويسبون قطر، ومن قلة وطنيتكم وإنتمائكم لقطر تذيعون أغانيهم من خلال أثير أجهزة حكومية.
والله من وراء القصد،،
m.kubaisi@gmail.com
|
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسعاف
