النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: شجاعة الاعتذار لا يحافظ عليها إلا الأخيار

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    شجاعة الاعتذار لا يحافظ عليها إلا الأخيار

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شجاعة الاعتذار لا يحافظ عليها إلا الأخيار، ولا يغذيها وينمِّيها إلَّا الأبرار،
    فالاعتذار صفة نابعة من قلب أبيض، لا يحمل غشاً، ولا يضمر شراً،ولا يتقن حقداً،إنه طريق ممهد للتوبة(كلُّ ابنِ آدم خطَّاء،وخير الخطَّائين التوَّابون)
    فمن عرف خطأَه واعتذر عنه، فهو كبير في نظر الكثير من الناس، والتماس الخير وسيلة،والرجوع إلى الحقِّ فضيلة،لذلك ما أجمل أن تكون مسارعاً إلى الخير،رجاعاً إلى الحق،
    لا تظن بكلمة خرجَت من أخيك المؤمن شرّاً،وأنت تجد لها في الخير مَحملاً،حتى قال الإمام الشافعي(التمس لأخيك سبعين عذراً)
    فكم من أُسر تفككت،ومن أواصِر تقطعت،وكم من زيجات طلقت،ومن أطفال شرِّدت، بسب عدم القدرة على الاعتذار،بل ينقلب الحال إلى خصومة شديدة، وشحناء مديدة، قبل أن تؤثِّر في الآخرين تقتل صاحبها كمدًا وعناداً،
    كلمة صغيرة لا يتجاوز عدَد حروفها أربعة (آسف) ربَّما تُطفئ حرباً،وتمنع مقتلة، رغم ذلك فإنَّ الكثيرين يستثقلون نطقها،تكبُّراً،أو بطراً،ظنًّا منهم أنَّ الاعتذار يقلِّل من قدرهم، أو ينتقص مِن قيمتهم، أو ينال من مكانتهم،
    ونتيجة لهذا الظنِّ الخاطئ الذي يحول دون اعتذار الإنسان عن خَطأ اقترفه، قد تُقطع أرحام، أو تتهدم بيوت،أو تنقطع أواصر،وتتشرد أسر،وتَنتهي المودَّة بين الزملاء، بل ربما تتحوَّل صداقة الأصدقاء إلى خصومة وجفاء؛ لأنَّ أحدهم أَبى واستكبر أن يعتذر،إنَّ الاعتذار هو الخطوة الأولى على طريق العودة إلى الحق،
    ومن شروط التوبة النَّصوح،الإقرارُ بالذَّنب، ثم النَّدم عليه، والعزم على عدَم العودة لمثله أبدًا، ثمَّ الاستغفار عنه،
    والإقرار بالذنب أو الخطأ يتجسَّد في الاعتذار لمن أخطأنا في حقه وطلب الصفح منه، بل قد يسبقه عودة الحقوق لأهلها، وإلَّا فالتوبة معلقة، فإذا ملكت شجاعة الاعتذار،فليس في ذلك أدنى انتقاص من مكانتك، فأنت قادر على تصحيح مسارك دائماً،
    أمَّا من يأبى الاعتذار، فهو إنسان ضعيف، لا يستطيع أن يروِّض أهواء النفس،أو يلجم آفات الكبر،أو يحطِّم نزغات الشيطان فتتمكن منه، وقد تنزلق به إلى العناد في الباطل،
    وفي حياتنا اليوميَّة كثير من المآسي التي وقعت، لأن كثيراً منَّا لا يملك شجاعة الاعتذار، لزوجته أو أخيه أو زميله في العمل،
    وكثيراً ما نسمع ونرى عن أشقاء جفَّت بينهم مشاعر الأخوَّة،لأنَّ أحدهم يأنف أن يعتذر عن خطأ اقترفه في حقِّ شقيقه،
    وإن كان الاعتذار شجاعةً، فإن الصِّدق فيه صفة لازمة، لا يتحقَّق إلا بها،كما أنَّ قبول الاعتذار شيمة الكرماء،
    ورد عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام قوله(عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبرُّوا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخوه متصلاً، فليقبل ذلك منه، فإن لم يفعل، لم يرد علي الحوض)
    والإنسان في كل نزاع ينشب أحدُ رجلين،
    فإن كان عادياً،ظالماً على غيره،فينبغي أن يُقلع عن غيِّه، وأن يصلح سيرته، وليعلم أنَّه لن يستلَّ الضِّغْنَ من قلب خصمه إلَّا إذا عاد عليه بما يطمئنه ويرضيه،
    وقد أمر الإسلام المرء،أن يستصلح صاحبه، ويطيب خاطره،قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم(مَن كانت عنده مَظلمة لأخيه من عِرض أو من شيء، فليتحلَّله منه اليوم، من قبل أن لا يكون دينار ولا دِرهم، إن كان له عمل صالِح أخذ منه بقدر مَظلمته، وإن لم تكن له حَسنات أُخِذ من سيِّئات صاحبه فحُمل عليه)
    وإما أن يكون مظلوماً، أمَّا من له الحق، فقد رغب إليه أن يلين ويسمح، وأن يمسح أخطاء الأمس بقبول المعذرة، عندما يجيء له أخوه معتذراً ومستغفراً،
    ورفض الاعتذار خطأ كبير، وفى الحديث(من تنصل إليه فلم يَقبل، لم يرد عليَّ الحوض)
    وبهذا الإرشاد المبين للطرفين جميعاً يحارِبُ الإسلام الأحقاد،ويرتقي بالمجتمع المؤمن إلى مستوًى رفيع، من الصَّداقات المتبادلة، أو المعاملات العادلة،

    وقد اعتبر الإسلام مِن دلائل الصغار، أن يرسب الغل في أعماق النَّفس فلا يخرج منها، بل يظل يَموج في جوانبها كما يموج البركان المكتوم، وكثير من أولئك الذين يحتبس الغلُّ في أفئدتهم يتلمَّسون متنفساً له في وجوه من يقع معهم، فلا يستريحون إلَّا إذا أرغوا، وآذوا وأفسدوا،
    روي عن ابن عبَّاس،أن رسول الله قال(ألا أنبئكم بشِراركم)
    قالوا،بلى، إن شئت يا رسول الله،قال(إنَّ شراركم الذي ينزِل وحده،ويجلد عبده، ويمنع رفدَه، أفلا أنبِّئكم بشرٍّ من ذلك)قالوا،بلى،إن شئتَ يا رسول الله، قال(من يبغض الناس ويبغضونه،قال،أفلا أنبِّئكم بشرٍّ من ذلك)قالوا،بلى،إن شئتَ يا رسولَ الله، قال(الذين لا يُقيلون عثرة، ولا يَقبلون معذرة، ولا يَغفرون ذنباً،قال،أفلا أنبِّئكم بشرٍّ من ذلك)قالوا، بلى، يا رسولَ الله، قال(مَن لا يُرجى خيره، ولا يُؤمَن شرُّه)
    والأصناف التي أحصاها هذا الحديث أمثلة، لأطوار الحقد عندما تتضاعف علَّتُه وتفتضح سوءته،أنَّ الحقد صِفة الطبقات الدنيا من الخلق،
    ليتنا نكون جميعاً شجعاناً، فنعتذر لمن أخطأنا في حقِّهم،وذا كان الاعتذار هو ذلك الفعل النبيل الكريم، الذي لو طبق بين الناس بعزم ونية صادقة، لتداوت القلوب المكسورة والكرامة المجروحة، ولأصلحت العلاقات المتصدعة، وأعيدت كل المياه إلى مجاريها، ولأذيب الغضب المتحكم في الأفئدة،
    ولنكن جميعاً كرماء، فنقبل الاعتذارَ ممَّن أخطأ في حقِّنا،وليس الاعتذار دليل الضعف أو الغباء والسذاجة كما يظن أكثرهم، بل هو القوة، والثقة، والنقاء، والصفاء، والحب، والود،إن الاعتذار وقبوله من سمات الصالحين،فكل ابن آدم خطاء لذلك ليس من معصوم إلا الحبيب صلى الله عليه وسلم، ومن الكبر أن يخطئ الإنسان في حق أخيه ولا يعتذر منه، وكثيرة هي المواقف التي تحتاج إلى اعتذار، ككلمة جرحت مشاعر الآخرين،أو خلف وعد، إلى غير ذلك من المواقف التي لا يخلو يوم في حياة الإنسان منها،قال الله تعالى(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)

    اللهمَّ طهِّر قلوبنا، وصفِّ نفوسنا، ويسِّر أمورنا، واغفر زلَّاتنا،واجعلنا لك شاكرين، لك ذاكرين، لك مخبتين، لك أواهين منيبين،يارب اجعل عفوك عنا دائم ،ورضاك علينا قائم،







  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس
    بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
    وجزاك ربي كل الخير

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •