النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لا يؤخر الله أمراً إلا لخير

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    لا يؤخر الله أمراً إلا لخير


    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لا يؤخر الله أمراً إلا لخير

    فهذا صحيح بالنسبة للمؤمنين،لقول النبي،صلى الله عليه وسلم(عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)رواه مسلم،
    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم(والذي نفسي بيده،لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له،إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له،وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له،وليس ذلك لأحد غير المؤمن)
    وقال ابن القيم رحمه الله(لو كشف الله الغطاء لعبده،وأظهر له كيف يدبر الله له أموره،وكيف أن الله أكثر حرصاً على مصلحة العبد من العبد نفسه،وأنه أرحم به من أمه،لذاب قلب العبد محبة لله ولتقطع قلبه شكراً لله)
    الإنسان بطبعه،وما جبل عليه من العجلة وتغليب التَّشاؤم على التفاؤُل، يكره المصائب والأقدار المؤلمة، ولا يكاد يرى بعين بصيرته إلى الحزن والألم والحسرة،
    ولأن منحة الله قد تكون مخفية في عمق محنته،وعطائه قد يتجسد في ابتلائه، فكثيراً ما تمرّ في حياتنا لحظات صعبة ثقيلة على النفس،لكن من خلالها تتجلّى لنا مظاهر حكمة الله ولطفه وحسن تدبيره،
    ولاشك أن كل منا تعرّض لموقف توجع منها وضاق بها ذرعاً،تحسَّر على أسبابٍ وموانع في ظنِّهِ أن لو اتَّخذها لنجا منها،فيفتح على نفسه باب (لو) الجالبة للحسرات والأحزان، حتى كشفت له الأيام مصداق قوله تعالى(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
    أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، والمصائب الموجعة، التي تكرهها نفسه، فربما أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية، والفاجعة المهلكة، لآماله وحياته،فإذا بذلك المقدور منحة في ثوب محنة، وعطية في رداء بلية، وفوائد لأقوام ظنوها مصائب، وكم أتى نفع الإنسان من حيث لا يحتسب،
    والعكس صحيح،فكم من إنسان سعى في شيءٍ ظاهره خيرٌ،وبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه،فإذا بالأمر يأتي على خلاف ما يريد،
    إذا تبين هذا،بكتاب الله،فأدرك أن إعمال هذه الآية القرآنية(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)من أعظم ما يملأ القلب طمأنينة وراحةً،
    ولو قلبنا قصص القرآن،ونظرنا في الواقع لوجدنا من ذلك عبراً وشواهدَ كثيرة،
    قصة إلقاء أم موسى لولده في البحر،
    أنه لا أكره لأم موسى من وقوع ابنها بيد آل فرعون، ومع ذلك ظهرت عواقبه الحميدة، وآثاره الطيبة في مستقبل الأيام، وصدق ربنا(وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
    وفي قصة يوسف عليه السلام، تجد أن هذه الآية منطبقة تمام الانطباق على ما جرى ليوسف وأبيه يعقوب عليهما الصلاة والسلام،
    تأمل في قصة الغلام الذي قتله الخضر بأمر الله تعالى، فإنه علل قتله بقوله(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا،فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا)الكهف،
    كم من إنسان لم يقدر الله تعالى أن يرزقه بالولد، فضاق ذرعا بذلك،واهتم واغتم وصار ضيقا صدره،وهذه طبيعة البشر،
    وليت من حرم نعمة الولد أن يتأمل هذه الآية لا ليذهب حزنه فحسب،بل ليطمئن قلبه، وينشرح صدره، ويرتاح خاطره،وليته ينظر إلى هذا القدر بعين النعمة، وأن الله تعالى رُبَما صرف هذه النعمة رحمةً به،وما يدريه،لعله إذا رزق بولد صار،هذا الولد،سبباً في شقاء والديه، وتعاستهما،وتنغيص عيشهما،
    وفي السنة النبوية،لما مات زوج أم سلمة، تقول أم سلمة رضي الله عنها،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقول(ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول(إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها،إلا أخلف الله له خيرا منها)
    قالت،فلما مات أبو سلمة، قلت،أي المسلمين خير من أبى سلمة،فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    فلما فعلت أم سلمة ما أمرها الشرع به من الصبر والاسترجاع،أعقبها الله خيراً لم تكن تحلمُ به،النبي عليه الصلاة والسلام،
    أن المؤمن عليه،أن يسعى إلى الخير جهده،وليس عليه أن تتم المقاصد،وأن يتوكل على الله، ويبذل ما يستطيع من الأسباب المشروعة،
    فإذا وقع شيءٌ على خلاف ما يحب، فليتذكر هذه القاعدة القرآنية(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون)البقرة،
    فإذا دعوت الله وسجدت له واعترفت بفقرك وضعفك وحاجتك وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله فقد استجاب لك، ولكن فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك، فإنه أعلم بما يَصلُح لك منك، فربما طلبت شيئًا كان الأولى منعه عنك فيكون المنع عين العطاء،
    وكذلك ضمن لك الإجابة، في الوقت الذي يريد،لا في الوقت الذي تريد،
    فما نحن إلا عباد لله نثق ونرضي ونصبر على قضائه وقدره، فقم بما أمرك الله به وسلِّم له نفسك، فربما أجابك وادخر لك بدل مطلوبك ما تنال به الحسنى وزيادة،
    يقول الإمام على بن أبي طالب،وكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذّكي،وكم يسر أتى من بعد عسر ففرج كربة القلب الشجي،وكم أمر تساء به صباحاً وتأْتيك المسرة بالعشي،إذا ضاقت بك الأحوال يوماً فثق بالواحد الفرد العلي،وَلا تجزع إذا ما ناب خطب فكم للهِ من لُطفٍ خفي،
    فما من أمر من الأمور في هذا الكون إلا بقدرة وحكمة وتقدير بليغ، فإذا كان فوات المطلوب فلا تأس ولا تحزن ولا تسخط، وإذا كان تحقيق المراد وانفتاح الدنيا وإغداق النعم لا تفرح الفرح المؤدي إلى نسيان الله والبطر والغرور،
    فكثيراً ما نمر بصعاب يظن الإنسان أنها نهاية العالم، ويتبرم ويصاب بالأزمات النفسية،إلا من اطمأن قلبه بثقته في ربه الخالق المدبر الحكيم القدير سبحانه وتعالي،
    يقول الشهيد سيد قطب، إن الإسلام يقرر أن من الفرائض ما هو شاق مرير،ولكن وراءه حكمة تهوِّن مشقته، وتسيغ مرارته، وتحقق به خيرًا مخبوءًا قد لا يراه النظر الإنساني القصير،فمن يدري فلعل وراء المكروه خيراً، ووراء المحبوب شراً،إن العليم بالغايات البعيدة، المطلع على العواقب المستورة، هو الله الذي يعلم وحده، حيث لا يعلم الناس شيئاً من الحقيقة،
    وكل إنسان،في تجاربه الخاصة، يستطيع حين يتأمل أن يجد في حياته مكروهات كثيرة كان من ورائها الخير العميم، ولذات كثيرة كان من ورائها الشر العظيم، وكم من مطلوب كاد الإنسان يذهب نفسه حسرات على فوته، ثم تبين له بعد فترة أنه كان إنقاذًا من الله أن فوت عليه هذا المطلوب في حينه، وكم من محنة تجرعها الإنسان لاهثاً يكاد يتقطع لفظاعتها، ثم ينظر بعد فترة فإذا هي تنشئ له في حياته من الخير ما لم ينشئه الرخاء الطويل، إن الإنسان لا يعلم، والله وحده يعلم، فماذا على الإنسان لو يستسلم،في ظلال القرآن بتصرف
    معيار السعادة الحق،إن للسعادة معياراً لا يعلمه كثير من الناس فمتى شعر المرء برضا ربه وثقته هو في ربه وفي دينه شعر بالسعادة حتى ولو لم يملك من الدنيا إلا ما يسد به رمقه، ويشعر بحلاوة لا تضاهيها حلاوة وفي ذلك روي مسلم عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أنه سمع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،يقول(ذاق طعم الإِيمان من رضي بِاللَّهِ ربّاً وبالإِسلام ديناً وبمحمد رسولاً)


    اللهم رضنا بقضائك،وبارك لنا في قدرك،حتى لانحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت،واجعلنا من الذين اذا احسنوا استبشروا واذا اساؤا استغفروا.


  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس
    بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
    وجزاك ربي كل الخير

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •