بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا الحديث فيه وعيد شديد في التجسس على كلام الآخرينعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من تسمع حديث قوم،وهم له كارهون،صب في أذنيه الآنك يوم القيامة)
يعني الرصاص،أخرجه البخاري،وصححه الألباني،
وهذا واضح فيما إذا كان المتسارُّون ابتدءوا الحديث قبل حضوره، ودخل عليهم،فلا يجوز أن يستمع لهم،
لأنه اجتهد في أن يسمع حديثاً لا يجوز أن يتسمع، فكان الجزاء أن يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة،
وروى البخاري، قال،مررت على ابن عمر ومعه رجل يتحدث فقمت إليهما،فلطم صدري وقال(إذا وجدت اثنين يتحدثان فلا تقم معهما حتى تستأذنهما)
قال ابن عبد البر،لا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجين في حال تناجيهما،
قال المصنف، ولا ينبغي للداخل عليهما القعود عندهما ولو تباعد عنهما إلا بإذنهما،لأن افتتاحهما الكلام سراً، وليس عندهما أحد دل على أنهما لا يريدان الإطلاع عليه،
وأما لو أخبره عن منكر، جاز له أن يستمع الحديث لإزالة المنكر،
ولو أن إنساناً خدع الصبيان الصغار حتى يخبروه بأحوال أهليهم، هذا أيضاً من الأمر المنكر الذي لا يجوز،
فيكون فيها من المفاسد أعظم من المفاسد التي تترتب على استماع أو التسمُّع لحديث قومٍ وهم له كارهون،وهذا من عظيم صيانة الشرع لأمور الناس، وأحوالهم، وأسرارهم،ولهذا إذا استأمن الإنسان إنساناً على حديث فلا يجوز أن يبوح به،
كما وقع لجمع من الصحابة مع النبي،عليه الصلاة والسلام، فيما يُسرُّ به إليهم، فلم يكونوا يتكلمون بذلك بل يحفظون الأمانة،
وفي حديث جابر(إذا حدث الرجل فالتفت فهي أمانة)يعني،إذا كان يلتفت ويتحدث ففيه إشارة إلى أنه يسره ويحفظه،
وفيه إشارة إلى أن من جاء وعلم أنه لا يريد أن يسمع، فإن الواجب عليه أن يبتعد،لأن هذه إشارة بالفعل من جهة أنه يريد عدم الاستماع، إذ لو أراد أن يُستمع إليه لأشرك غيره إما بصريح الدعوة أو بالجهر به،
نص القرآن، بتحريم الدخول إلى البيوت بغير إذن،بل إن الإسلام حرم أقل من ذلك وهو النظر إلى داخل البيت من أحد ثقوبه أو فتحاته،
ومن هذا الحديث يُعلم أنَّ الاستماع لحديث الآخرين بغير رضاهم وإذنهم هو من التجسس المحرم،الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم،وحذر منه،دليلًا على حرمته)
ويدخل في هذا التجسس التنصت، على هواتف الناس ومكالماتهم،والذي يتنصت على هواتف الناس بهذا المعنى يدخل تحت الوعيد)
ومن أبشع صور التجسس وأقبحها التجسس على المسلمين لصالح أعداء الدين فإن التجسس على الأمة الإسلامية لحساب أعدائها أشدُّ حرمة، وأعظم خطراً وضرراً على البلاد، والعباد، وخيانة لله ورسوله وللأمة،
قال عبد القادر العاني (ومن أكبر الكبائر وأفظعها التجسس على المسلمين، وإفشاء أسرارهم الحربية إلى أعدائهم، أو إلى من يوصل إليهم،لمن يبتغي الضرَّ بهم)
ومن صور التجسس المشروع (تتبع المجرمين الخطرين، وقد عدَّه بعض الفقهاء من التجسس المشروع إذا كانت جرائمهم ذات خطر كبير على الأفراد، أو على الأمَّة بأسرها،وذلك كالتجسس على إنسان يغلب على الظنِّ أنَّه يتربص بآخر ليقتله،
ومن صور التجسس المشروع، تفقد الوالي لأحوال رعيته لمعرفة المظلومين والمحتاجين، وتأمين احتياجاتهم،
إذ هم أمانة في عنق الوالي،
وما روي عن أسلم رضي الله عنه قال، خرجت ليلة مع عمربن الخطاب،حتى إذا كنا بصرار إذا بنار،فقال،يا أسلم،هاهنا ركب قد قصر بهم الليل،انطلق إليهم،فأتيناهم فإذا امرأة معها صبيان لها، وقدر منصوبة على النار،فقال عمر،السلام عليكم يا أصحاب الضوء، قالت،وعليك السلام،فقال،ما بالكم،قالت،قصر بنا الليل والبرد،قال،فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون،قالت،من الجوع،فقال،وأي شيء على النار،قالت،ماء أعللهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر،فبكى عمر، ورجع يهرول إلى دار الدقيق، فأخرج عدلاً من دقيق، وجراب شحم، وقال،يا أسلم، احمله على ظهري، فقلت،أنا أحمله عنك،فقال،أنت تحمل وزري يوم القيامة،فحمله على ظهره، وانطلقنا إلى المرأة فألقي عن ظهره، وأخرج من الدقيق في القدر، وألقى عليه من الشحم، وجعل ينفخ تحت القدر، والدخان يتخلل لحيته ساعة، ثم أنزلها عن النار وقال،آتيني بصحفة،فأتي بها فغرفها ثم تركها بين يدي الصبيان وقال،كلوا، فأكلوا حتى شبعوا،
والمرأة تدعو له، وهي لا تعرفه،فلم يزل عندهم حتى نام الصغار، ثم أوصلهم بنفقة وانصرف، ثم أقبل عليَّ فقال،يا أسلم، الجوع الذي أسهرهم، وأبكاهم،
|
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr
