السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
كيف يحيي اللّٰه الموتى من القبور يوم البعث
قال تعالى(وضَرَبَ لنا مَثَلا ونَسِيَ خَلْقَه)قال،من يُحيي العظام وهي رميم(قل يُحييها الذي أنشاها أول مرة )يس،
ومعنى،البعث، هو انشقاق القبور وخروج الموتى للحياة الأبدية كما تخرج النباتات من الأرض،
وقبل البعث ينفخ إسرافيل في الصور نفختين،
الأولى، إيذاناً بنهاية العالم،
والثانية، لإحياء جميع الخلائق،
قال تعالى (ونُفِخ في الصور فصَعِق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّٰه،ثم نُفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون)الزمر،
وأخرج الشيخان،البخاري،ومسلم،أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قال(يُنَزِّل اللّٰه من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل،
ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً هو،عجب الذنَب منه يُركب الخلق يوم القيامة،
وعجب الذنب،هوعظم صغير في أسفل العمود الفقري يسمى(العصعص)
أن المنكرين للبعث يستبعدون إحياء الموتى، كما قال تعالى(وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا،أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا)مريم،
بل يستغربون إعادة الحياة لرفات عظام بالية، قال عز وجل،وقالوا(وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا)
(قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا،أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا،يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً الإسراء،
وقد يتساءل البعض عن بعث الغريق وموتى الحريق والإفتراس قال علام الغيوب،أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ،بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ)القيامة،
وقد أكد جمع من الأطباء استحالة إفناء عجْب الذنَب ولو تعرض للإذابة بأقوى الأحماض النووية أو الكيماوية،
هذه التجارب تؤكد حقيقة البعث لكل الخلائق كيفما كانت طبيعة موتهم، وقدرة اللّٰه على إحيائها اِنطلاقا من ذلك العظم الذي يُعتبر بمثابة الصندوق الأسود للإنسان،لأنه يحتفظ بخلاياه الأم التي تحتوي على الرمز الجَيْني لهويته،
قال تعالى(قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ)ق،
أي،أننا نعلم ماتأكل الأرض من أجسادهم ولدينا ما يحفَظ هويتهم، أفلا ينظر الإنسان إلى النبتة كيف تخرج من البذرة بعد يُبْسها،ومن النوى رغم صلابته،فكذلك يُنزل اللّٰه من السماء ماء فتنبت الأجساد من قبورها كما ينبت البقل،
البقل، نبات عُشبي من صنف الفاصوليا،
قال تعالى(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)فصلت،
ولقد ضرب اللّٰه أمثلة عديدة لتأكيد حقيقة البعث عبر المعجزات التي أيد اللّٰه بها رسله وأنبياءه،سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام،لما طلب من ربه المزيد من المعرفة حول إحياء الموتى،فأمره اللّٰه بذبح أربعة طيور مختلفة وعجنها وخلط بعضها ببعض،ففعل ، ووضع كل جزء منها فوق جبل،وأمسك برؤوسها عنده،ثم دعاهم،فرأى الريش واللحم والدم والعظام تتطاير،كلُّ صِنف يتجه نحو أصله،
فكذلك يُحيي اللّٰه الموتى من قبورها ويريكم آياته لعلكم تصدقون بقدرة اللّٰه ومعجزاته،
فليس المشكل في حقيقة البعث،إنما المشكل في تحكم الإنسان في نفسه بعدما تفتحت لها زهرةُ الحياة الدنيا ، فركنت إليها ترتع بدون شرط ولاقيد،ولم يستطع توجيهها للاِستقامة على الطريق قصد الإستفادة من الحياة الأفضل في الدار الآخرة،
قال تعالى(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا)آل عمران،
فماذا أعددت أيها الإنسان لذلك اليوم،وماذا قَدَّمْت لحياتك، قال جلَّ شأنُه(يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ،يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)الفجر،
فَأعِدُّوا الزاد أيها المومنون لسفركم القادم لامحالة، قال تعالى(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ)

اللهم احشرنا في زمرة النبيين والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ، وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً،اللهم آمين.