الضرائب في الخليج في 2018
تصحيح الأوضاع وأسعار الخدمات الحكومية
سوف يشهد العام 2018 تعزيزا لمسيرة فرض ضرائب على الاستهلاك في مجلس التعاون الخليجي.. وربما تصبح الضرائب جزءا لا يتجزأ من الحياة الحيوية اليومية في غالبية دول مجلس التعاون.
ويمكن الزعم بذهاب تلك الأيام التي كانت تعتبر اقتصادات المنظومة الخليجية مناطق لا تفرض فيها الضرائب، وتوفر سلعا مدعومة للجميع بمن فيهم المقيمون والزوار.
مما لا شك فيه، تسبب هبوط أسعار النفط في منتصف عام 2014 على خلفية إمدادات ظاهرة النفط القوية في الدول غير الأعضاء في أوبك، ولا سيَّما الولايات المتحدة من خلال النفط الصخري، تسبب في إعادة النظر في ظروف المالية العامة في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك البلدان ذات الاحتياطيات الضخمة.
حقيقة القول، دأبت الكيانات الدولية ذات العلاقة مثل صندوق النقد الدولي على المطالبة بضرورة زيادة وتنويع مصادر الإيرادات من أجل تعزيز أوضاع المالية العامة بصورة مستدامة.. وربما كان من الأفضل معالجة التحديات المالية العامة عندما كانت أسعار النفط مرتفعة في ظل غياب الضغط نظرا لتوافر إمكانية تصحيح الأمور لأن حصول أخطاء في التنفيذ أمر طبيعي.
في بعض التفاصيل، أعلنت كل من السعودية الإمارات بصورة منفردة عن نيتها في تطبيق ضريبة القيمة المضافة في بداية عام 2018.
ويبدو أن ضريبة القيمة المضافة سوف تبدأ بنسبة 5 بالمائة، ولكن لا يمكن استبعاد ارتفاع النسب لاحقا بصورة متدرجة. أيضا، وارد إخضاع المزيد من الخدمات والسلع لضريبة القيمة المضافة مع مرور الزمن بغية تعزيز دخل الخزانة.
أيضا، من الصواب عدم فرض الضرائب على بعض السلع الأساسية والضرورية للمعيشة وتلك المتعلقة بالأطفال مثل الحليب ولكن ليس الكماليات.
بدورها، أكدت البحرين تنفيذ الضريبة الانتقائية من 30 ديسمبر 2017 عبر فرض ضرائب قدرها 100 بالمائة على التبغ ومشروبات الطاقة فضلا عن 50 بالمائة على المشروبات الغازية. بالعودة للوراء، بدأت السعودية بفرض الضريبة الانتقائية في يونيو 2017 على ما يعرف بسلع الخطيئة وتلتها الإمارات في شهر أكتوبر من السنة نفسها.
وحديثا تم الكشف عن نية عمان فرض الضريبة الانتقائية في النصف الثاني من عام 2018 مع تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة حتى 2019.. تأجيل الضريبة في السلطنة مرده ترتيب الأمور الإجرائية والتدريب.
بدورها، تفكر البحرين بتطبيق ضريبة القيمة المضافة في النصف الثاني من 2018. وبالنسبة لقطر، تشير المعلومات الأولية إلى فرضية تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الربع الثاني من 2018 لكن التأخير وارد فيما يخص قطر والبحرين لحين وضع البنية التحتية اللازمة وهو ليس بالأمر اليسير في ظل غياب التجربة.
أيضا، تأجيل الضرائب أمر غير مستبعد في الكويت نظرا لوجود برلمان يسعى من خلاله النواب للدفاع عن مصالح الناس. بمعنى آخر، هناك تباين لأوضاع المالية في الدول الست وهذا أمر يمكن تفهه.
مؤكدا، نحن أمام واقع جديد للمالية العامة في المنظومة الخليجية، وهو الأمر الذي فرض نفسه في خضم هبوط أسعار النفط وبقاء الأسعار منخفضة في منتصف 2014. بل من غير المستبعد إعادة النظر في الضرائب والرسوم الجديدة والحد من الدعم المقدم للسلع حتى في حال انتعاش أسعار النفط لمستويات مقبولة.
باختصار، حصلت المالية العامة في المنظومة الخليجية على فرصة تاريخية ربما لا تعوض لتصحيح الأوضاع وأسعار الخدمات الحكومية.
وفي كل الأحوال، يعد فرض ضرائب على الاستهلاك أمرا طبيعيا في مختلف دول العالم، بل عدم فرض أي نوع من الضرائب يعد أمرا استثنائيا