بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة وبركاته
أطع أبا القاسم
هل خدم الرسول عليه الصلاة والسلام يهودي،
نعم،ثبت في صحيح البخاري،وغيره، أن غلاماً يهودياً كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض مرة فعاده صلى الله عليه وسلم،وعرض عليه الإسلام ، وهذه هي القصة كما يحكيها أنس بن مالك رضي الله عنه،
( أَن غلَاماً من اليهود كان يخدم النبي صلى اللَّه عليه وسلم،فمرِض،فأتاه النبي صلى اللَّه عليه وسلم،يعوده،فقعد عند رأسه،فقال،أَسلم،فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه،فقال له،أَطع أبا القاسم صلى اللَّه عليه وسلم،فأسلم،فخرج النبي صلى الله عليه وسلم،وهو يقول،الحمد لله الذي أنقذه من النار)رواه البخاري،
تفسير الحديث،
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن غلاماً يهودياً كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم،فمرض الغلام فعاده النبي صلى الله عليه وسلم،وجلس عند رأسه وقال له أسلم فنظر إلى أبيه يعني كأنه يستشيره فقال له أبوه وهو يهودي أطع أبا القاسم لأن اليهودي يعلم أنه حق فقال لابنه أطع أبا القاسم فأسلم هذا الغلام فخرج النبي صلى الله عليه وسلم،وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار،
ففي هذا الحديث عدة فوائد منها،
أولاً،جواز استخدام اليهودي يعني يجعلهم خدما عنده، وهذا بشرط أن يأمن من مكره لأن اليهود أصحاب مكر وخديعة وخيانة لا يكادون يوفون بعهد ولا يؤدون أمانة لكن إذا أمنه فلا بأس من أن يستخدمه،
ثانياً،جواز عيادة المريض اليهودي،لأن النبي صلى الله عليه وسلم،عاد هذا الغلام ولكن يحتمل أن تكون عيادة النبي صلى الله عليه وسلم،له كانت من أجل خدمته إياه وأن هذا من باب المكافأة وعلى هذا لا يكون الحكم لكل يهودي أن تعوده ويحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم،عادة ليعرض عليه الإسلام فتكون عيادة المريض اليهودي أو غيره من الكفار مستحبة إذا كان الإنسان يريد أن يعرض عليهم الإسلام فينقذهم الله به من النار،
عن أنس بن مالك قال،قال النبي صلى الله عليه وسلم (عن أنس بن مالك قال أَتى النبي صلى اللَّه( يا علي لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم، وخير لك من الدنيا)يعني إذا هدى الله بك رجلاً من الكفر خير لك من الإبل الحمر التي هي أغلى أنواع الإبل عند العرب)أخرجة البخاري،ومسلم،
ثالثاً،ينبغي على من عاد المريض أن يرشده إلى الحق ويرغبه فيه، فإذا كان يعلم أنه أي المريض صاحب تقصير قال له ( يا فلان استغفر الله تب إليه ) فأحسن ما تهدي للمريض هو أن تنفعه في دينه،
رابعاً، الأب قد يؤثر ابنه في الخير وهو لا يفعله، فهذا اليهودي أشار على ابنه أن يطيع أبا القاسم ويسلم ولكنه هو لم يسلم فالأب قد يحب لابنه الخير وهو محروم منه والعياذ بالله،
خامساً، فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم،حق، ودليل ذلك أن اليهودي قال لابنه أطع أبا القاسم والحق ما شهدت به الأعداء،ومعلوم أن اليهود والنصارى يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم ،كما يعرفون أبناءهم،
قال الله تعالى(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)لأن الله قال(الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)
هم يعرفون هذا لكن الحسد والعياذ بالله والاستكبار منعهم من الإيمان به(ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق )
وعلى هذا فإذا مرض إنسان كافر فلك أن تعوده إذا رجوت في عيادته خيراً،بأن تعرض عليه الإسلام لعله يسلم،
فهؤلاء العمال وهم كثيرون لا ينبغي أن نتركهم هكذا،يجب علينا أن ندلهم على الحق، وأن ندعوهم للإسلام ونبين لهم الحق ونرغبهم فيه حتى يسلموا،
دلالات الموقف عظيمةٌ،
تنطق بالرّحمة والشفقة، والتواضع ولين الجانب،والإحسان إلى الآخرين، فالنبي،صلى الله عليه وسلم، لو لم يعامل الفتى اليهودي بهذا القدر من الرقة والعذوبة،كما هو شأنه مع جميع الناس، ما استمال قلبه إلى الإسلام، وفي ذلك درسٌ بليغ في أهمّية المعاملة والقدوة الحسنة وأثرها في قلوب المدعوّين،
والرغبة الكاملة والحرص الأكيد على هداية ذلك الفتى ودعوته إلى الإسلام، بالرغم من كونه على شفير الحياة الآخرة، إنها الرحمة تتجلّى في أسمى معانيها وأروع صورها،
ووقفة ثالثة مع قول والد الفتى، أطع أبا القاسم، إذ يدل على أن اليهود ما كان يخفى عليهم أمر النبي،صلى الله عليه وسلم، ولا نبوّته، ولكنّهم جحدوا الحقّ واستكبروا عنه،
ويستفاد من قصة خدمة الغلام اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم، إظهار السماحة والعفو ولين الجانب الذي كان يحمله صلى الله عليه وسلم،في قلبه الرحيم،فقد كان شفيقاً رحيماً بالناس كلهم،يرجو لهم الخير ويحذرهم من الشر،فلم يتردد في عيادة هذا الغلام اليهودي في منزله،ولم يفرط في أي فرصة لدعوتهم وهدايتهم،لكنهم قابلوه بالكيد والمكر،وحاولوا قتله،ووضعوا السم في طعامه،