النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الدنيا إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    الدنيا إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً


    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الدنيا دار بلاء وشدة ومحنة
    الله سبحانه وتعالى خلق الدنيا دار الشدة والضنك،
    فيها الكدر وعدم الصفو،والتعب والكدح والنصب، فهذا من طبيعتها،
    قال سبحانه(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ)البلد،
    يكابد ما في هذه الدنيا من النصب والشدة، تعتريه الهموم والأحزان والغموم،
    وبخلاف ذلك تميزت الجنة عن الدنيا فليس فيها هم ولا غم، فعلى الرغم مما ذكر الله للجنة من الصفات العظيمة،قال عن أهلها(لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ)الحجر،
    وقال تعالى عنهم (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) فاطر،
    وهذا من حكمة الله البالغة،أن جعل في الدنيا هذا الكدح والتعب والنصب،وفيها زينة ومتاع، لكن متاعها مخلوطة بهذه الغموم والهموم والأحزان،
    فإن من رحمة الله أن جعل فيها هذه الشدائد، حتى يذكر العباد أن هنالك داراً أخرى ليس فيها هذه الشدائد، ليس فيها هموم ولا غموم،
    والقلوب تتفاوت في الهم والغم،بحسب ما فيها من الإيمان والفسوق والعصيان،
    فقلب هو عرش الرحمن تسكنه الحياة والنور والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير،
    ولذلك فإن أصحاب القلوب المؤمنة إذا ابتلاهم الله في حظوظهم الدنيوية،فتجدهم لا يكترثون لما يصيبهم من متاعب الدنيا،ويدفعهم هذا الأمر ليزدادوا من الله قرباً،
    قيل للإمام أحمد، متى الراحة،قال،عند أول قدم نضعها في الجنة،
    وقلب هو عرش الشيطان يعتري صاحبه الضيق والظلمة والحزن والغم والهم،

    ولقد بين الرب سبحانه حقيقة الدنيا وأرشد إلى ما ينبغي للعباد فقال
    (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)غافر،
    فهذه الدنيا بطبيعتها،وبما يحصل فيها من ألم نفسي،
    ولذلك أهل الإيمان لما عرفوا طبيعة الدنيا لما ينشغلوا بتحصيلها كثيراً يقول أحدهم، لأن نبيه صلى الله عليه وسلم،قال(من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا)،
    وهذا التعب للأجساد، والهم والغم والحزن للنفوس، يقاوم بذكر الله تعالى( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)الرعد،
    هذه الدنيا لا يوجد أحد مستريح فيها،ولذلك دار الفناء ودار الغرور،

    هناك هم،يؤجر عليه ما يصيبه من هذه الهموم والغموم والأحزان،
    لأن الذي أشغل قلبه حال الإسلام والمسلمين،وهذا لا بد أن يكون دون يأس،لأن ديننا لا يأس فيه ولا قنوط،قال سبحانه(لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ)الحديد،
    وهذا السبب تقدير الأحداث،مكتوبة من قبل أن نخلقها في الواقع من رب الأرباب،
    يقع على الإنسان اتهامات باطلة، كخسائر مالية،عقوق أبناء،تمرد زوجة،أو من ظلم الزوج،فيصيب الإنسان بعض الأحزان، وربما بسبب كيد بعض من في العمل له من أقرانه،وأحياناً كيد الأقرباء،وهذا تخرج فلم يجد وظيفة، ولم يجد أحد يقضي دينه،فإحسان الظن بالله،ومن وراءه بإذن الله الفرج والمخرج،
    والإنسان لا بد أن يرضى بما قسم الله له،فبعض الناس لا يعرف قيمة النعمة إلا إذا زالت، وعندها يصيبه القلق والأرق،فالعبد لا يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له منها،
    ألم يقل عليه الصلاة والسلام (من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد كفاه الله هم دنياه)ولذلك فإن المسلم يستعين على هموم الدنيا بتذكر الآخرة،فينسى ما في الدنيا من هموم،
    من أسباب الهموم والغموم،الذنوب والمعاصي،ومن شؤم المعصية أنها تعكر حياة صاحبها،كما قال ابن عباس،إن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القبر، ووهن في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق،ولذلك لا بد من التوبة من الذنوب والمعاصي،
    لا تجزع فرزقك مقسوم ومكتوب،فليطمئن (فإن مَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)هود،
    وبذل الأسباب الشرعية،مع التوكل على الله،واليقين بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقهاوالإكثار من الدعاء، وصلة الرحم،
    فقد ثبت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام قوله(من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه)
    ومن العباد من لا يصلح له إلا الغنى ولو أفقره الله لكفر،ومنهم من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغناه لطغى،

    وبعضهم إذا جاءته النعمة عرف أنها من الله فأقبل على شكر النعمة ببذلها في طاعة المنعم
    ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)الضحى
    وأناس يعيشون ولا يحسون بشيء، قلوبهم مظلمة،صلى أو لم يصل، كأن النتيجة عنده واحدة، فلذلك ليس للحياة عند هولاء طعم،كما ذكر الشافعي،للعلم لذة، وود لو أن لأعضائه آذاناً تتلذذ بسماع العلم كما تلذذت أذناه،والمراد بالعلم،العلم الشرعي،من الكتاب والسنة،
    عالج همومك وأحزانك بالإستغفار،شأنه عظيم، ومكاسبه جليلة كما أخبر بذلك نوح قومه،بقوله لهم(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً،يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) نوح،
    فالاستغفار يرفع العذاب(وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)الأنفال،
    وهذه الدنيا إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً، وإن أعطت يسيراً منعت كثيراً، والمعطي والمانع هو الله سبحانه وتعالى، والمؤمن فيها محبوس،قال عليه الصلاة والسلام(الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر)
    وقال عليه الصلاة والسلام (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)
    والدعاء علاج، النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن)
    والتوبة،والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والإكثار منها أثره عظيم، لا ننسى البراءة من الحول والقوة إلا حول الله وقوته، فإن بعض الناس يعتمد على حوله وقوته، ويثق في حول فلان وقوته، والحقيقة أن كل هذا بدون حول الله وقوته، لا يفيد شيئاً،
    والتوكل الذي هو،التفويض التام، والاعتماد الكلي على الله، وأن يفرغ قلبك إلا من الثقة به، ثق به، توكل عليه، الجأ إليه، فإنه سيكفيك،

    اللهم إنا نسألك أن توسع علينا في دنيانا، وأن ترزقنا فيها السعادة والعافية يا أرحم الراحمين، وأن تجعل همنا في الآخرة،وهيئ لنا من أمرنا رشداً، وتب علينا،وارزقنا شكر نعمتك، ونعوذ بك من تحول عافيتك، ونعوذ بك من نقمتك وسخطك، إنك أنت الغفور الرحيم.
    اللهم أنزل علينا الإيمان واليقين، واجعلنا عليك متوكلين، واجعلنا في بلادنا آمنين، واجعل بلدنا قطر الخير آمناً مطمئناً، سخاء رخاء،وانشر رحمتك علينا.



  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس
    بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
    وجزاك ربي جنة الفردوس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •