النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أن الله،غرس جنته بيده وزينها لعباده بأشجار ينعمون تحت ظلالها

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    أن الله،غرس جنته بيده وزينها لعباده بأشجار ينعمون تحت ظلالها


    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الشجر أهميته ونفعه،إن الناظر إلى نعمة الشجر والزرع،وما فيهما من الثمار الباسقة،والمنافع الكثيرة،ليدرك بفطرته استحقاق المنعم،سبحانه،للشكر على نعمه الجزيلة وخيراته الكثيرة،حيث أنه سبحانه، يديم آلاءه على الشاكرين، بل يزيدهم من فضله،بشكر المنعم، فإن به تدوم، ولنحذر الذنوب والمعاصي، فإن بها تزول،
    خلق الله الخلق،وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، فقال في كتابه العزيز(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)لقمان،
    أي،عمكم بجميع النعم من الحيوانات والأشجار والزروع، والأنهار والمعادن، قال سبحانه(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)إبراهيم،
    لقد اعتنى الإسلام بالزرع والغرس ورعاية الأشجار،حيث أمر بالزرع والغرس في سائر الأحوال،
    وحرم قطع الشجر والنبات، إلا لتحقيق منفعة للعباد والدواب والأنعام،
    كما حرم البول والغائط تحت ظلها، لأن في ذلك حرمان من ظلالها وأذية للمستظلين بها،
    والزرع والشجر من منظورالإسلام، كون الإسلام أولاها عناية شاملة ورعاية كاملة لما فيها من النفع الدنيوي العام والديني والأخروي،
    وعلى هذا سيكون الحديث حول موضوع الشجر عبر محاور عدة، نجملها في الآتي،
    المحور الأول، مفهوم الغرس والزرع،والمراد بالغرس، وضع الفسائل وقطع النباتات في التربة، حتى تنبت شجرها وتستقيم جذورها وتخرج نباتها،
    أما الزرع، فهو نثر الحبوب في التربة الطيبة، فيخرج نباته بإذن ربه، كما قال تعالى(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ)الأعراف،
    المحور الثاني،أهمية الغرس والزرع وعناية الإسلام بها،والمتأمل في الزرع والغرس والشجر، يدرك أنهما ذات أهمية كبيرة،فمن تلك الشجر تنتفع جميع المخلوقات وعلى ثمارها يعيش البشر،
    قال تعالى(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ،أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا،وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ،وَحَدَائِقَ غُلْبًا،وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)عبس،
    يقول السعدي، يذكر الله،تعالى،عباده بما أكرمهم به من أطعمة لذيذة، وأقوات شهية”، وهذا شامل لسائر الحبوب على اختلاف أصنافها،
    ومما يؤكد على أهمية الشجر في هذه الحياة،قوله،صلى الله عليه وسلم(إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة،فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل)رواه الإمام أحمد،والبخاري،
    ومما يجعل الشجر والغرس ذات أهمية عالية ومكانة كبيرة،أن الله،تعالى،غرس جنته بيده وزينها لعباده بأشجار ينعمون تحت ظلالها، قال الله(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ)المرسلات،
    وجعلها مملوءة بالثمار التي يتذوقونها،قال الله(فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ)الرحمن،
    وقال سبحانه (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا)الإنسان،
    وكان هذا النعيم منه سبحانه ترغيباً لعباده ودعوة لهم للتنافس رجاء أن يكونوا من أهلها،لما تحمل الأشجار من الخير والجمال ولما فطره في قلوبهم من حب ذلك والرغبة فيه،
    المحور الثالث، فوائد الغرس والزرع،لم تحظ نعمة الغرس والزرع والشجر بهذه الأهمية والمكانة،إلا لما لها من الفوائد والمكاسب مما يتوجب على الناس شرعاً وعقلاً ونظاماً الاهتمام بها والحرص عليها وصيانتها والحفاظ عليها،
    ومن تلك المكاسب،
    أولاً،أنها من جملة المخلوقات التي تسبح الله،تعالى،وتسجد له، قال تعالى (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)الإسراء،
    وقال سبحانه عن سجودها(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)الرحمن، وعلى هذا فنحن نسهم في هذا الفضل ونشارك في هذه الطاعة،
    ثانياً،أن منها يخرج غذاء الإنسان وطعامه، وكذا سائر الدواب والأنعام، قال تعالى(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى،كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى)طه،
    وقال تعالى(مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)عبس،
    قال ابن كثير،أي،عيشةً لكم ولأنعامكم في هذه الدّار إلى يوم القيامة،
    ثالثاً،ومن فوائد الغرس والزرع،أنها زينة للأرض، فتعطي الأرض منظراً وجمالاً،وتمنحها رونقاً وبهاءً،
    قال ابن كثير،حسنت بما خرج من رُباها من زهور نضرة مختلفة الأشكال والألوان،
    وقال تعالى(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)الحج،
    رابعاً،حصول غارسها وزارعها على الأجور العظيمة والعطايا الكريمة، فعن أنس،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم(ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمةٌ إلا كان له به صدقَة)رواه النسائي،
    وفي روايةِ مسلم(مَا مِن مُسلمٍ يَغرِسُ غَرْسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة وما أكل السبع فهو له صدقة وما أَكلت الطّير فهو له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة)
    قال الإمام النووي، في هذه الأحاديث فضيلة الغرس وفضيلة الزرع وأن أجر فاعلي ذلك مستمر ما دام الغرس والزرع وما توَلد منه إلى يوم القيامة،
    وذكر الإمام الطيبي، أن رجلاً مر بأبي الدّرداء وهو يغرس جوزةً فقال أتغرس هذه وأنت شيخ كبير وهذه لا تطعم إلا في كَذا وكذا عاماً،فقال ما علي أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري،
    خامساً، ومن فوائدها، أنها تقي العباد خاصة والمخلوقات عامة حرارة الشمس بظلالها، قال ربنا(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)النحل،
    سادساً،ومن منافعها، ما يستعين به العباد في بناء منازلهم وتجهيز خيامهم،وإصلاح آلاتهم وماعونهم،
    سابعاً، ومن فوائدها، أن من أخشابها وجذوعها ما يكون وسيلة للإضاءة والتدفئة من البرد والزمهري(إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)النمل،
    قال ابن كثير، في قوله لعلكم تصطلون، أي،تتدفئون بها من البرد،
    ثامناً،أنها باب من أبواب التكسب والبيع والشراء، وكذلك هي وسيلة لإنضاج الطعام والشراب(أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ)الرعد،
    تاسعاً،تعطي الإنسان الهدوء والسكينة،وتمنحه الراحة النفسية وصفاء الذهن،فالأشجار والمناطق الخضراء والحدائق بشكل عام من أهم الأماكن التي يقصدها الإنسان عادةً للراحة والاستجمام، وقضاء أمتع الأوقات، وممارسة الأنشطة الترفيهية، التي تعيد له الحيوية والنشاط، وتساعده على ممارسة مختلف الأنشطة بإتقان أكبر،
    عاشراً، كما نجمل بعضاً من تلك المنافع،فهي تساعد على تعديل المناخ وبواسطة تحكمها بأشعة الشمس والرياح والأمطار، كذلك مجالا لرعي الناس أنعامهم ومواشيهم،
    المحور الرابع، الشجر وضرب الأمثال في القرآن والسنة، مهما تحدثنا عن أهمية الغرس والزرع وما حوته من الفضائل والفوائد، فلن نصل إلى جميع الحِكم والأسرار الربانية في هذه النباتات والأشجار البديعة،
    أن الله ورسوله ضربا بها أمثلة عديدة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، لتضيف إلى المنافع الدنيوية مقاصد إيمانية ورسائل توعوية، فمن تلك الأمثلة،
    تشبيه الله،تعالى،للكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة بنوعين من الشجر، فقال تعالى(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ،وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء)إبراهيم،
    وشبه النبي،صلى الله عليه وسلم،المسلم بالنخلة، لكثرة بركته وخيريته،
    فعن ابن عمر قال،قال رسول اللَّه،صلى الله عليه وسلم(إن من الشجر شجرة لَا يسقط ورقها،وإنها مثل المسلم،فحدثوني ماهي،فوقع الناس في شجر البوادِي،قال عبداللَّه،ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت،ثم قالوا،حدثنا ما هي يا رسول اللَّه، قال،هي النخلة)رواه البخاري،
    ومن التشبيهات النبوية، تشبيهه للمؤمن في قوة صلابته،وثباته بالأشجار التي لا تهزها أمواج الباطل، ورياح الفتن، بل يتمسك بدينه ويثبت عليه،
    قال،صلى الله عليه وسلم(مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز، لا تهتز حتى تستحصد)رواه مسلم،
    المحور الخامس،الشجر والغرس نعمة تستوجب الشكر،إن الناظر إلى نعمة الشجر والزرع،وما فيهما من الثمار الباسقة،والمنافع الكثيرة،ليدرك بفطرته استحقاق المنعم،سبحانه، للشكر على نعمه الجزيلة وخيراته الكثيرة، حيث أنه،سبحانه، يديم آلاءه على الشاكرين،بل يزيدهم من فضله،
    قال تعالى(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)إبراهيم،
    ورى الإمام مسلم،من حديث أنس بن مالك،رضي الله عنه،أنه قال،قال صلى الله عليه وسلم(إن اللَّه ليرضى عن الْعبد أَن يأكل الْأكلة،فيحمده عليها،أو يشرب الشربة فيحمده عليها)
    فلنحافظ على نعم الله تعالى،بشكر المنعم، فإن به تدوم النعم، ولنحذر الذنوب والمعاصي،فإن بها تحل النقم،وما أحوجنا إلى أن نعتني بالشجر والغرس والزرع لنجني ثمارها وننعم بطيباتها،ونحيي هذه الأرض بنباتها وزروعها الطيبة،ونزين بها مدننا وعمراننا وحدائقنا،كما عمرها من قبلنا الذين قال الله عنهم(وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا) الروم،

    اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك،وظلنا تحت عرشك،واجمعنا بكل أحبابنا تحت ظلك يوم لا ظل إلا ظلك،برحمتك يا أرحم الراحمين،اللهم آميـن،











  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس

    وبارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
    وجزاك ربي جنة الفردوس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •