النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أسباب إنشراح الصدر

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    أسباب إنشراح الصدر


    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أسباب شرح الصدر

    أنَّ شرح الصدر من أعظم أسباب الهدى، وتضييقه من أسباب الضلال، كما أنَّ شرحه من أجلِّ النِّعم ، وتضييقه من أعظم النِّقم ، فالمؤمن مشروح الصدر منفسحه في هذه الدار على ما ناله من مكروهها ، وإذا قوي الإيمان وخالطت بشاشته القلوب كان على مكارهها أشرح صدراً منه على شهواتها ومحابها ،
    كحال من خرج من سجن ضيق إلى فضاء واسع موافق له ، فإنها سجن المؤمن ، فإذا بعثه الله يوم القيامة ، رأى من انشراح صدره وسعته ما لا نسبة لما قبله إليه ،
    فشرح الصدر كما أنَّه سبب الهداية فهو أصل كلِّ نعمة ، وأساس كلِّ خير ، وقد سأل كليم الرحمن موسى بن عمران ربَّه أن يشرح له صدره ، لماَّ علم أنَّه لا يتمكن من تبليغ رسالته ، والقيام بأعبائها إلا إذا شرح له صدره ، وقد عدد سبحانه من نعمه على خاتم أنبيائه ورسله شَرْح صدره له ، وأخبر عن أتباعه أنه شرح صدورهم للإسلام ،
    فأعظم أسباب شرح الصدر التوحيدُ، وعلى حسب كماله ، وقوته ، وزيادته يكونُ انشراحُ صدر صاحبه،
    قال الله تعالى( فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ )الأنعام،
    فالهُدى والتوحيدُ مِن أعظم أسبابِ شرح الصدر ،والشِّركُ والضَّلال مِن أعظم أسبابِ ضِيقِ الصَّدرِ وانحراجِه،
    ومنها ،النورُ الذي يقذِفُه الله في قلب العبد، وهو نورُ الإيمان، فإنه يشرَحُ الصدر ويُوسِّعه ، ويُفْرِحُ القلبَ ،فإذا فُقِدَ هذا النور من قلب العبد ، ضاقَ وحَرِجَ ، وصار في أضيق سجنٍ وأصعبه .فنصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه من هذا النور،
    والعلم ، فإنه يشرح الصدر ، ويوسِّعه حتى يكون أَوسعَ من الدنيا ، والجهلُ يورثه الضِّيق والحَصْر والحبس ، فكلما اتَّسع علمُ العبد ، انشرح صدره واتسع ، وليس هذا لكل عِلم ، بل للعلم الموروث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو العلمُ النافع ، فأهلُه أشرحُ الناس صدراً ، وأوسعهم قلوباً وأحسنُهم أخلاقاً ، وأطيبُهم عيشاً،
    والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ،ومحبتُه بكلِّ القلب، والإقبالُ عليه ، والتنعُّم بعبادته ، فلا شيء أشرحُ لصدر العبد من ذلك ،حتى إنه ليقولُ أحياناً ،إن كنتُ في الجنة في مثل هذه الحالة ، فإني إذاً في عيش طيب،وللمحبة تأثيرٌ عجيبٌ في انشراح الصدر ، وطيبِ النفس ، ونعيم القلب ، لا يعرفه إلا من له حِسٌّ به ، وكلَّما كانت المحبَّة أقوى وأشدَّ ، كان الصدرُ أفسحَ وأشرحَ ، ولا يَضيق إلا عند رؤية البطَّالين الفارِغين من هذا الشأن ، فرؤيتُهم قذَى عينه ، ومخالطُتهم حُمَّى روحه،
    ومِنْ أعظم أَسباب ضيق الصدر ،
    الإعراضُ عن الله تعالى ، وتعلُّقُ القلب بغيره ، والغفلةُ عن ذِكره ، ومحبةُ سواه ، فإن من أحبَّ شيئاً غيرَ الله ، عُذِّبَ به ، وسُجِنَ قلبُه في محبة ذلك الغير ، فما في الأرض أشقى منه ، ولا أكسف بالاً ، ولا أنكد عيشاً ، ولا أتعب قلبا ، فهما محبتان ، محبة هي جنة الدنيا ، وسرور النفس ، ولذةُ القلب ، ونعيم الروح ، وغذاؤها ، ودواؤُها ، بل حياتُها وقرة عينها ، وهي محبةُ ،
    ودوامُ ذِكر ا على كُلِّ حال ، وفي كُلِّ موطن ، فللذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر ، ونعيم القلب ،
    وللغفلة تأثيرٌ عجيب في ضِيقه وحبسه وعذابه،
    والإحسانُ إلى الخلق ونفعُهم بما يمكنه من المال ، والجاهِ ، والنفع بالبدن ، وأنواع الإحسان ، فإن الكريم المحسنَ أشرحُ الناس صدراً ، وأطيبُهم نفساً ، وأنعمُهم قلباً،
    والبخيلُ الذي ليس فيه إحسان، أضيقُ الناسِ صدراً ، وأنكدُهم عيشاً ، وأعظمُهم همَّاً وغمَّاً . وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلاً للبخيل والمتصدِّق فقال (مَثلُ البخيلِ والمنفق كمثل رجلينِ عليهما جنتانِ من حديدٍ من ثدِيِّهما إلى تراقِيهِما ، فأما المنفقُ ، فلا يُنفقُ إلا سَبغتْ أو وفرت على جلدهِ حتى تخفيَ بَنانهُ وتعفوَ أثرَه ، وأما البخيلُ ، فلا يريدُ أنْ ينفقَ شيئاً إلا لَزِقت كلُّ حلقة كل مكانه ، فهو يُوسعها ، فلا تتسعُ ) . أخرجه البخاري،ومسلم ،
    قال الخطابي ، وهذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم ،للبخيل والمتصدق ، فشبههما برجلين أراد كل واحد منهما لبس درع يستتر به من سلاح عدوه ، فصبها على رأسه ليلبسها ، والدرع أول ما يقع على الرأس إلى الثديين إلى أن يدخل الإنسان يديه في كميهما،
    فجعل المنفق كمن لبس درعاً سابغة ، فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه ،
    وجعل البخيل كمثل رجل غلت يداه إلى عنقه ، فكلما أراد لبسها اجتمعت إلى عنقه ، فلزقت ترقوته ، والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة انفسح لها صدره ، وطابت نفسه ، وتوسعت في الإنفاق ، والبخيل إذا حدثه بها ، شحت بها ، فضاق صدره ، وانقبضت يداه . فهذا مَثَلُ انشِراحِ صدر المؤمن المتصدِّق ، وانفساح قلبه ، ومثلُ ضِيقِ صدر البخيل وانحصارِ قلبه،
    والشجاعة ، فإن الشجاع منشرح الصدر ، واسع البطان ، متِّسعُ القلب ،
    والجبان، أضيق الناس صدراً ، وأحصرُهم قلباً ، لا فرحة له ولا سرور ، ولا لذة له ، ولا نعيم ،
    وأما سرور الروح ، ولذتُها ، ونعيمُها ، وابتهاجُها ، فمحرَّمٌ على كل جبان ، كما هو محرَّم على كل بخيلٍ ، وعلى كُلِّ مُعرِض عن الله سبحانه ، غافلٍ عن ذِكره ، جاهلٍ به وبأسمائه تعالى وصفاته ، ودِينه ، متعلق القلبِ بغيره ،
    وإن هذا النعيم والسرور، يصير في القبر رياضاً وجنة ،
    وذلك الضيقُ والحصر، ينقلبُ في القبر عذاباً وسجناً .فحال العبد في القبر،كحال القلب في الصدر ، نعيماً وعذاباً وسجناً وانطلاقاً ، ولا عبرةَ بانشراح صدر هذا لعارض ، ولا بضيقِ صدرِ هذا لعارض فإن العوارِضَ تزولُ بزوال أسبابها ، وإنما المعوَّلُ على الصِّفة التي قامت بالقلب توجب انشراحه وحبسه ، فهي الميزان،
    ومن أعظمها ،إخراجُ دَغَلِ القَلْبِ من الصفات المذمومة التي تُوجب ضيقه وعذابه ، وتحولُ بينه وبين حصول البُرء ،
    فإن الإنسان إذا أتى الأسباب التي تشرحُ صدره ، ولم يُخرِجْ تلك الأوصافَ المذمومة من قلبه ، لم يحظَ مِن انشراح صدره بطائل،وغايته أن يكون له مادتان تعتوِرَانِ على قلبه،ومنهما،
    ومنها، تركُ فضولِ النظر ، والكلام ، والاستماع ، والمخالطةِ ، والأكل ، والنوم ، فإن هذه الفضولَ تستحيلُ آلاماً وغموماً ،وهموماً في القلب ، تحصُرُه ، وتحبِسه ، وتضيِّقهُ ، ويتعذَّبُ بها ، بل غالِبُ عذابِ الدنيا والآخرة منها ، فلا إله إلا اللهُ ما أضيقَ صدرَ من ضرب في كل آفةٍ من هذه الآفات بسهم ، وما أنكَدَ عيشَه ، وما أسوأ حاله ، وما أشدَّ حصرَ قلبه،ما أنعمَ عيشَ مَنْ ضرب في كل خَصلةٍ من تلك الخصال المحمودة بسهم ، وكانت همتُّه دائرةً عليها ، حائمةً حولها ، فلهذا نصيب وافر مِنْ قوله تعالى (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) الانفطار،
    ولِذلك نصيب وافر من قوله تعالى (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)الانفطار،
    وبينهما مراتبُ متفوتة لا يُحصيها إلا اللهُ تبارك وتعالى،والمقصود،أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، كان أكملَ الخلق في كلِّ صفة يحصل بها انشراحُ الصدر، واتِّساعُ القلب ، وقُرةُ العين ، وحياةُ الروح ، فهو أكملُ الخلق في هذا الشرح والحياة ، وقُرَّةِ العين مع ما خُصَّ به من الشرح الحِسِّيِّ ، وأكملُ الخلق متابعة له ، أكملُهم انشراحاً ولذة وقرة عين ، وعلى حسب متابعته ينالُ العبد من انشراح صدره ، وقُرة عينه ، ولذة روحه ما ينال فهو صلى الله عليه وسلم في ذروة الكمال مِن شرح الصدر، ورفع الذكر، ووضع الوِزر ، ولأتباعه من ذلك بحسب نصيبهم من اتِّباعه ، والله المستعانُ .
    وهكذا لأتباعه نصيبٌ من حفظ الله لهم ، وعصمتِه إياهم، ودفاعِه عنهم، وإعزازه لهم ، ونصرِه لهم ، بحسب نصيبهم من المتابعة ، فمستقِلٌّ ، ومستكثِر ، فمن وجد خيراً ، فليحمد الله ،ومن وجد غير ذلك ، فلا يلومنَّ إلا نفسه.

  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس
    تسلم اخوي الحسيم
    بارك الله في حسناتك
    وجزاك ربي جنة الفردوس

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •