بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحذر من الإشاعات وقت الأزمات
يوجد بعض الناس ينشرون أخباراً بلا تثبت،وخاصة في الإنترنت،مما يتسبب في ربكة المسلمين،وإدخال الوهن إلى قلوبهم،والإحباط والعزيمة وكل ذلك بلا تثبت ولا تأكد من صحة الخبر،
لا شك أنه في وقت الفتن تنشط الدعاية وتكثر الإِثارة وهنا يأتي دور الإِشاعة،
ومن المعلوم أن التثبت مطلب شرعي لقوله تعالى( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )
وقد حذر الشرع أشد التحذير من نقل الشخص لكل ما يسمعه،فعن حفص بن عاصم قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )رواه مسلم،
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع ) السلسلة الصحيحة،
قال النووي،فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب،فإذا حدث بكل ماسمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن،والكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ماهو ولا يشترط فيه التعمد ،
وعن المغيرة بن شعبة قال،قال النبي صلى الله عليه وسلم( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات،وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ) رواه البخاري،
قوله(وكره لكم قيل وقال)قال الطبري،وفي معني الحديث ثلاثة أوجه،
أولها،الإِشَارَة إِلَى كَرَاهَة كَثْرَة الْكَلام لأَنَّهَا تُؤَوِّل إِلَى الْخَطَأ،
ثَانِيهَا،إِرَادَة حِكَايَة أَقَاوِيل النَّاس وَالْبَحْث عَنْهَا لِيُخْبِر عَنْهَا فَيَقُول،قَالَ فُلان كَذَا وَقِيلَ كَذَا،وَالنَّهْي عَنْهُ إِمَّا لِلزَّجْرِ عَنْ الاسْتِكْثَار مِنْهُ،وَإِمَّا لِشَيْءٍ مَخْصُوص مِنْهُ وَهُوَ مَا يَكْرَههُ الْمَحْكِيّ عنه،
ثَالِثهَا،أَنَّ ذَلِكَ فِي حِكَايَة الاخْتِلاف فِي أُمُور الدِّين كَقَوْلِهِ، قَالَ فُلان كَذَا وَقَالَ فُلان كَذَا،وَمَحَلّ كَرَاهَة ذَلِكَ أَنْ يُكْثِر مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لا يُؤْمَن مَعَ الإِكْثَار مِنْ الزَّلَل،وَهُوَ مَخْصُوص بِمَنْ يَنْقُل ذَلِكَ مِنْ غَيْر تَثَبُّت،وَلَكِنْ يُقَلِّد مَنْ سَمِعَهُ وَلا يَحْتَاط لَهُ،وَيُؤَيِّد ذَلِكَ الْحَدِيث الصَّحِيح (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّث بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) أخرجه مسلم،

وعن أبي قلابة قال( بِئْسَ مَطِيَّة الرَّجُل )
المطية،بمعنى المركوب،
زَعَمُوا، الزَّعْم قَرِيب مِنْ الظَّنّ أَيْ أَسْوَأ عَادَة لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذ لَفْظ زَعَمُوا مَرْكَبًا إِلَى مَقَاصِده فَيُخْبِر عَنْ أَمْر تَقْلِيدًا مِنْ غَيْر تَثَبُّت فَيُخْطِئ ويجرب عليه الكذب،،ولذلك حرص سلفنا الصالح على التثبت والحذر من الإشاعات ،
قال عمر رضي الله عنه( إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف )
ولقد سطَّر التاريخ خطر الإِشاعة إذا دبت في الأمة،
أولاَ، لما هاجر الصحابة من مكة إلى الحبشة وكانوا في أمان ، أُشيع أن كفار قريش في مكة أسلموا فخرج بعض الصحابة من الحبشة وتكبدوا عناء الطريق حتى وصلوا إلى مكة ووجدوا الخبر غير صحيح ولاقوا من صناديد قريش التعذيب،وكل ذلك بسبب الإِشاعة،
ثانياً، في غزوة أحد لما قتل مصعب بن عمير أُشيع أنه الرسول صلى الله عليه وسلم،وقيل،قُتل رسول الله فانكفأ جيش الإِسلام بسبب الإِشاعة ، فبعضهم هرب إلى المدينة وبعضهم ترك القتال،
ثالثاً، إشاعة حادثة الإِفك التي اتهمت فيها عائشة رضي الله عنها،البريئة الطاهرة بالفاحشة وما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه من البلاء، وكل ذلك بسبب الإِشاعة،
ملامح في التعامل مع الأخبار نسوقها،
أولاً ،التأني والتروي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (التأني من الله والعجلة من الشيطان)قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
ثانياً،التثبت في الأخبار،قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين َ)
سبب نزول الآية، أن النبي صلى الله عليه وسلم،بعث الوليد بن عقبة،ليأخذ منهم الصدقات، وأنه لما أتاهم الخبر فرحوا ، وخرجوا ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال،يا رسول الله،إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة،
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك غضباً شديداً، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد،فقالوا،يا رسول الله،إنا حُدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق،وإنا خشينا أن يكون إنما رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله،
وأن رسول الله استعتبهم،وهمّ بهم،فأنزل الله عز وجل عذرهم في الكتاب(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين )الحجرات،
معنى التثبت ،تفريغ الوسع والجهد لمعرفة حقيقة الحال ليعرف أيثبت هذا الأمر أم لا ،
والتبين ، التأكد من حقيقة الخبر وظروفه وملاباساته،
يقول الحسن البصري، المؤمن وقاف حتى يتبين،
نوصي الجميع بالتثبت وعدم التسرع في نقل الأخبار حتى يتأكد من صحتها،حتى لو كان الخبر ساراً،لأنه إذا تبين خطأ الناقل فستسقط عدالته عند الناس،ويكون عرضة للاستخفاف ممن له هوى في نفسه،