بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تكفل الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم،ببيان ماأنزل إليه من كتابه،قال سبحانه(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ،إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ،فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ،ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)القيامة،
قال ابن كثير،هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم ،في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له،
وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه،وأن يبينه له ويفسره ويوضحه،
فالحالة الأولى جمعه في صدره،
والثانية تلاوته،
والثالثة تفسيره وإيضاح معناه،
ولهذا قال(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )أي،بالقرآن،
كما قال(وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا )طه،
ثم قال(إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ) أي، في صدرك،
(وَقُرْآنَهُ ) أي،أن تقرأه،إذا تلاه عليك المَلَك عن الله عز وجل،
(فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)أي،فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) أي، بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا،
وفي الصحيحين(البخاري،ومسلم)عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) قال(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه،
فأنزل الله تعالى( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ،إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه،أنزلناه فاستمع له،
وأن نبينه بلسانك فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله،
فالنبي صلى الله عليه وسلم، يعلم تفسير القرآن الكريم كله كما أراد الله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يتدارس مع جبريل عليه السلام القرآن، وإذا أشكل عليه شيء من القرآن يسأل عنه جبريل عليه السلام،
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ )الزمر،
من الذي لم يشأ الله ان يصعقهم،قَال(هم شهداء الله عز وجل) رواه الحاكم،البخاري ومسلم، وصححه الألباني.
جاء الامر (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)عليك ان تتبع قرانه لا التعجل فيه لا تشغل نفسك في الدنيا الا بأتباع القران،
بعدها يقول الله سبحانه وتعالى( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) يتعهد الله اننا لواتبعنا القران سيبينه لنا واعلموا ان وعد الله حق،
ولكن،الله يعلم ما نحب فيقول (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ )العاجله صفة من صفات الدنيا (وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) وهي ما خلقنا لأجله،
كان النبي ،صلى الله عليه وسلم(يعالج من التنزيل شدة ، كان يحرك شفتيه ، فقال ابن عباس،أنا أحركهما كما كان رسول الله،صلى الله عليه وسلم،يحركهما،فقال سعيد أنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما،فحرك شفتيه،فأنزل الله،عز وجل(لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) قال، جمعه في صدرك ثم تقرؤه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه قال فاستمع له وأنصت،ثم إن علينا أن نقرأه،قال،ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه،وقال عامر الشعبي،إنما كان يعجل بذكره إذا نزل عليه من حبه له ، وحلاوته في لسانه ،
فكان رسول الله،صلى الله عليه وسلم،بعد ذلك إذا أتاه جبريل عليهما السلام استمع،وإذا انطلق جبريل،عليه السلام ،
قرأه النبي،صلى الله عليه وسلم ،حديث حسن صحيح،أخرجه البخاري،ومسلم،
كان عليه السلام، إذا نزل عليه الوحي حرك لسانه مع الوحي مخافة أن ينساه(وسنقرئك فلا تنس)فنزلت ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه،فاتبع قرآنه أي فاتبع شرائعه وأحكامه،
وقوله(ثم إن علينا بيانه) أي،ما فيه من الحدود والحلال والحرام،وما فيه من الوعد والوعيد وتحقيقهما،
انه لا يتوجب علينا التعجل بالقران لنعجل به انما علينا اتباعه،

اللهم اجعـل القــرآن العظــيم ربــيع قـلوبـنا،وجـلاء هـمـومنا وغمومنا ونـور أبصارنـا،وهـدايـتـنـا في الدنـيا والآخـرة ،
اللـهم ذكرنـا مـنـه ما نَسيـنا وعلمنا منه ما جهـلنا،اللهم ارزقنا تلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا،آناء الليل وأطراف النهار،
اللهم آميــــــــــن.