بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الطيب لا يرد
قال ابن القيم ،رحمه اللّٰه(لمّا كانت الرائحة طيبة غذاء الروح، والروح مطيّة القوى، والقِوى تزداد بالطيّب وهو ينفع الدماغ والقلب وسائر الأعضاء الباطنة، ويُفرح القلب ويسر النفس، وينشط الروح وهو أصدقُ شيءٍ للروح وأشدّ ملائمة لها وبينه وبين الروح الطيبة نسبة قريبة كان أحد المحبوبين من الدنيا إلى أطيب الطيبين صلّى اللّٰه عليه وسلّم)
الآثار الطيبة للطيب كان النبي صلّى اللّٰه عليه وسلّم، يستعمله ويحرص عليه، بل ونهى عن رده إذا عرض ،
فقال صلّى اللّٰه عليه وسلّم( من عُرِض عليه طيبٌ فلا يردّه فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ خَفِيفُ المحمل) رواه أبوداود ، والنسائي، وأحمد،
وفي رواية مسلم ( من عُرِض عليه ريحان فلا يردّه فإنَّه طيّب الريح خفيف المحمل)
ففي قوله صلى الله عليه وسلم، من عُرِض عليه طيبٌ فلا يردّه،نهي عن ردّ الطيب، وعلل ذلك بقوله، فإنه طيب الريح خفيف المحمل،
طيب الريح، وهذا ممّا يدخل السرور على النفس،
خفيف المحمل، يعني، خفيف الحمل، ليس شيئا ثقيلا، فأنت تضعه في جيبك وما تحس به،
والحديث يدل ، على أن الطيب لايرد سواءٌ عُرِض عليك لتأخذه هديةً أو عُرِض عليك لتُطيّب نفسك به، ولهذا يكره ردّ الطيب إلّا لعذر،
الإنسان له أن يردّ الطيب في أحوال،
لو عُرِض الطيب كهدية لعاملٍ أو مسؤول لأجل عمل قام به للمُهدي ، فهذه الهدية تُرَد لأن هدايا العُمّال غلول،
لو مثلا جاءك إنسان بطيب وأنت تعلم أو يغلب على ظنك أنّ هذا الطيب قد سرقه وأخذه من غيره بغير حق،ففي هذه الحال أيضا يرد الطيب،
لو عرض الطيب على محرم بحجٍّ أو عمرة ليستعمله، فهذه حال يرُدّ فيها الطيب، لأنّ المحرم لا يجوز له أن يستعمل الطّيب،
ففي مثل هذه الأحوال يرد الطيب ولا يكون الراد مخالفا للسنة، لأن هذا مردود بأصل الشرع كما يقول ابن العربي رحمه اللّٰه،
لو أعطاك الإنسان طيبا ولكن هذا الطيب كريه الرائحة، فهل له أن يرده،هذا له حالتان،
أولاً، أن يعطيك طيبا في قارورة، فهنا يؤخذ الطيب ولا يرد، عملا بظاهر الحديث. ثم إن من أعطاك هذا الطيب مع كراهة رائحته ما أعطاك إلا ليدخل السرور عليك، فيكون في قبول لهديته إدخالا للسرور عليه،
ثانياً، أن يعطيك لتُطَيّب نفسك،وأن تستعمله لا تتضر منه، فرد الطيب هنا بخلاف السنة،فاستعمال الطيب مع كراهة ريحه إذا لم يترتب عليه ضرر فيه وحتى لا يتأثّر من أعطاك لتُطيّب نفسك وهو جاء يريد إدخال السرور عليك بتطيِّبك فتستعمل شيئا من ذلك الطيب تطيِّبا لخاطره،فتوى،الشيخ بن باز رحمه اللّٰه،
وإذا كان استعماله يترتب عليه ضرر، كمن عنده حساسية ويؤثر فيه الطيب،أو قال له طبيب الجلد مثلا،لا تضع الطيب على الجلد،فهنا له أن يردّه،مع تبيين الحال لمن أعطاه الطيب حتى يعلم سبب الرد.