النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة حتى تُسلب النعم

  1. #1
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902

    لا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة حتى تُسلب النعم


    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله،قاعدة الصبر عن المعصية ينشأ من أسباب عديدة،
    أحدها، عِلْم العبدِ بقبحها ، ورذالتها ، ودناءتها ، وأن الله إنما حرَّمها ، ونهى عنها صيانة ، وحماية عن الدنايا ، والرذائل ، كما يحمي الوالدُ الشفيقُ ولدَه عما يضرُّه ، وهذا السبب يحمل العاقل على تركها ، ولو لم يعلق عليها وعيد بالعذاب،
    السبب الثاني، الحياء من الله سبحانه، فإن العبد متى علم بنظره إليه ، ومقامه عليه ، وأنه بمرأى منه ومسمع وكان حيِّيّاً يستحيى من ربه أن يتعرض لمساخطه،
    السبب الثالث،مراعاة نعَمه عليك،وإحسانه إليك،فإن الذنوب تزيل النعَم،ولا بد،فما أذنب عبدٌ ذنباً إلا زالت عنه نعمة من الله بحسب ذلك الذنب، فإن تاب،وراجع،رجعت إليه أو مثلها ،
    وإن أصرَّ،لم ترجع إليه،ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة حتى تُسلب النعمُ كلها،قال الله تعالى( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )وأعظم النعَم،الإيمان ، وذنب الزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ،يزيلها ويسلبها ،
    وقال بعض السلف،أذنبتُ ذنباً فحرِمت قيام الليل سنَة ،
    وقال آخر،
    أذنبتُ ذنباُ ، فحرمتُ فهم القرآن ،
    وفي مثل هذا قيل،إذا كنتَ في نعمة فارعها ،،،،، فإن المعاصي تزيل النعَم،عياذاً بالله من زوال نعمته ، وتحويل عافيته .
    السبب الرابع، خوف الله،وخشية عقابه،وهذا إنما يثبت بتصديقه في وعده،ووعيده،والإيمان به،وبكتابه،وبرسوله،وهذا السبب يَقوى بالعلم واليقين،ويضعف بضعفهما،
    قال الله تعالى( إنما يخشى الله من عباده العلماء )
    وقال بعض السلف ،كفى بخشية الله علماً ، والاغترار بالله جهلاً ،
    السبب الخامس ، محبة الله،وهي أقوى الأسباب في الصبر عن مخالفته،ومعاصيه،فإن المحب لمن يحب مطيع ، وكلما قوي سلطان المحبة في القلب،كان اقتضاؤه للطاعة ، وترك المخالفة أقوى ،
    وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة وسلطانها ، وفرقٌ بين من يحمله على ترك معصية سيده خوفه من سوطه وعقوبته ، وبين من يحمله على ذلك حبه لسيده،
    السبب السادس، شرف النفس ، وزكاؤها ، وفضلها ،وحميتها أن تختار الأسباب التي تحطها ، وتضع من قدرها ، وتخفض منزلتها ، وتحقرها ، وتسوِّي بينها وبين السفلة،
    السبب السابع،قوة العلم بسوء عاقبة المعصية ، وقبح أثرها ، والضرر الناشيء منها من، سواد الوجه ، وظلمة القلب ، وضيقه ، وغمِّه ، وحزنه ، وألمه ، وانحصاره ، وشدة قلقه واضطرابه ، وتمزق شمله ، وضعفه عن مقاومة عدوه ، وتعريه من زينته ، والحيرة في أمره ، وتخلي وليه وناصره عنه ، وتولي عدوه المبين له ، وتواري العلم الذي كان مستعدّاً له عنه ، ونسيان ما كان حاصلاً له، ومرضه الذي إذا استحكم به فهو الموت ولا بد ،فإن الذنوب تميت القلوب،
    فآثار المعصية القبيحة أكثر من أن يحيط بها العبد علماً ، وآثار الطاعة الحسنة أكثر من أن يحيط بها علماً ، فخير الدنيا والآخرة بحذافيره في طاعة الله ، وشر الدنيا والآخرة بحذافيره في معصيته ،
    وفي الآثار يقول الله سبحانه وتعالى( من ذا الذي أطاعني فشقي بطاعتي ، ومن ذا الذي عصاني فسعد بمعصيتي )
    السبب الثامن،قصر الأمل،وعلمه بسرعة انتقاله،وأنه كمسافر دخل قرية وهو مزمع على الخروج منها،أو كراكب قالَ في ظل شجرة ثم سار وتركها ، فهو لعلمه بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضره ولا ينفعه ، حريص على الانتقال بخير ما بحضرته ، فليس للعبد أنفع من قصر الأمل ، ولا أضر من التسويف وطول الأمل،
    السبب التاسع، مجانبة الفضول في مطعمه ، ومشربه ، وملبسه ، ومنامه ، واجتماعه بالناس، فإن قوة الداعي إلى المعاصي إنما تنشأ من هذه الفضلات ، فإنها تطلب لها مصرفاً فيضيق عليها المباح فتتعداه إلى الحرام ،
    ومن أعظم الأشياء ضرراً على العبد ،بطالته ، وفراغه ؛ فإن النفس لا تقعد فارغة ، بل إن لم يشغلها بما ينفعها شغلته بما يضره ، ولا بد،
    السبب العاشر ،وهو الجامع لهذه الأسباب كلها، ثبات شجرة الإيمان في القلب،فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه،فكلما كان إيمانه أقوى،كان صبره أتم ، وإذا ضعف الإيمان،ضعف الصبر ، فإن من باشر قلبَه الإيمانُ بقيام الله عليه ، ورؤيته له ، وتحريمه لما حرم عليه وبغضه له ومقته لفاعله ، وباشر قلبه الإيمان بالثواب والعقاب والجنة والنار،امتنع من أن لا يعمل بموجب هذا العلم ، ومن ظن أنه يقوى على ترك المخالفات والمعاصي بدون الإيمان الراسخ الثابت،فقد غلط ، فإذا قوي سراج الإيمان في القلب وأضاءت جهاته كلها به وأشرق نوره في أرجائه، سرى ذلك النور إلى الأعضاء ، وانبعث إليها ، فأسرعت الإجابة لداعي الإيمان ، وانقادت له طائعة مذللة غير متثاقلة ولا كارهة ، بل تفرح بدعوته حين يدعوها ، كما يفرح الرجل بدعوة حبيبه المحسن إليه إلى محل كرامته ، فهو كلَّ وقتٍ يترقب داعيه ، ويتأهب لموافاته ، والله يختص برحمته من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم،
    فضل الصبر عن المعاصي، إن الصبر عن المعاصي من أرفع درجات الصبر، وهي درجة عالية،
    والنفس دائمًا ترغب في هواها فمن استطاع عصيانها، وصبر على مطالبها، فقد ارتفع بلا شك إلى تلك الدرجات العالية،
    قال ميمون بن مهران رحمه الله، الصبر صبران، الصبر على المصيبة حسن،وأفضل من ذلك الصبر عن المعاصي،والصابر عن المعاصي نهايته إلى فلاح ونجاح ويجد أثر ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة،وفي يوم القيامة سيكون جزاؤه الجنة قال الله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)آل عمران،
    قال الإمام ابن الجوزي، ولو أن شخصًا ترك معصية لأجل الله تعالى لرأى ثمرة ذلك، وكذلك إذا فعل طاعة» .
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله ، ذُكر للصبر عن المعصية سببين وفائدتين،أما السببان فالخوف من لحوق الوعيد المرتب عليها، والثاني الحياء من الرب تبارك وتعالى،أن يستعان على معاصيه بنعمه، وأن يبارز بالعظائم،
    وأما الفائدتان، فالإبقاء على الإيمان، والحذر من الحرام،
    فيا راكب الذنب هل تفكرت في عواقبه،وهلا علمت حسراته، فإن لذة المعصية تذهب كالبرق، ولكن تبقى مرارتها جاثمة جثوم الصخرة،
    وإن امرءًا باع جنة عرضها السماوات والأرض بلذة ساعة لحري أن تطول حسرته،
    وعن عبد الرحمن بن محمد رحمه الله قال، جلس إلي يومًا زيادة مولى ابن عباس، فقال لي، يا عبد الله،قلت،ما تشاء،قال،ما هي إلا الجنة والنار،قلت،لا والله ما هي إلا الجنة والنار،قال،ما بينهما منزل ينزله العباد،فقلت،ما بينهما منزل ينزله العباد،قال(فوالله لنفسي نفس أضن بها عن النار، وللصبر اليوم عن معاصي الله خير من الصبر على الأغلال في نار جهنم)
    إن أفضل ما في الصبر عن المعاصي من الآثار التي يجدها الصابر في الدنيا قبل يوم القيامة، أن يجد لذة الإيمان وحلاوته في قلبه، فيزكو القلب ويطهر، وإذا طهر القلب ففي ذلك صلاح العبد في أمره كله،
    قال صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار)رواه البخاري، ومسلم،
    قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية،وكذلك ترك الفواحش يزكو بها القلب،وكذلك ترك المعاصي،فإنها بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن ومثل الدغل في الزرع،ومن نوى الصبر على طاعة الله صبره الله عليها، وقواه لها،ومن عزم على الصبر عن معاصي الله أعانه الله على ذلك، وعصمه عنها،
    هكذا كان الصالحون يحاسبون أنفسهم ويجاهدونها دائمًا على ترك المعاصي،وإن المسلم الذي نظر في مصلحته حقًا هو ذلك الذي هجر المعاصي وصبر عنها،وعكف على فعل الصالحات،


    اللهم طهر قلوبنا،من الغل والحقد والحسد والكبر،ومن كل سوء، ومن كل أذى،يغضبك،ومن كل غل وحقد وحسد وكبر،يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك،وطهر قلوبنا من كل داء،وكل ما يغضبك،
    اللهم إني استغفرك من كل ذنب يعقّب الحسرة ويُورث الندامة و يرد الدعاء و يحبس الرزق، ربي إن كان هناك ذنب يحول بيني وبين تيسير أموري اغفره لي،وابعد عنا المعاصى ونقنا من الذنوب والخطايا.


    [/color]

  2. #2
    تميم المجد الصورة الرمزية الحسيمqtr
    رقم العضوية
    9845
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    مدينة الشمال
    المشاركات
    1,459
    جزاكِ الله جنة الفردوس

  3. #3
    تميم المجد الصورة الرمزية امـ حمد
    رقم العضوية
    13778
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    قطر
    المشاركات
    20,902
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحسيمqtr مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله جنة الفردوس
    بارك الله فيك وفي حسناتك
    وجزاك ربي كل الخير اخوي الحسيم

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •