بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا كان أول ليلةٍ من شهر رمضان، صفدت الشياطينُ
عن صلى الله عليه وسلم،أنه قال(إذا كان أول ليلةٍ من شهر رمضان، صفدت الشياطينُ ومردة الجن، وغلقت أبوابُ النار فلم يُفتح منها باب،وفتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها بابٌ، وينادي مناد، يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر)
وعن ابن عباسٍ، رضي الله عنه ،قال(كان رسول الله،صلى الله عليه وسلم،أجودَ الناس بالخير،وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان جبريلُ يلقاه كلَّ ليلةٍ في رمضان، يعرض عليه النبي، صلى الله عليه وسلم،القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة)
رمضانُ والخير قرينان،
فرمضانُ هو شهر الخير وزمانه، والخيرُ هو عمل رمضان ووظيفته،
وطالبو الخير هم أهل رمضان، ورمضان هو سوق أهل الخير وموسمهم،ومن وفق لفعل الخير في رمضان،فهو الموفق،ومن خذل عن الخير فيه،وثقل عنه، وأعرض عن موائده، فأنه لا يوفَّق له في غيره ولا يُهدى لسبيله، وما ذاك إلا لأن فرص الخير في رمضان مهيأةٌ بما لا تتهيأ في غيره،
فصاحبُ الخير منادًى بالإقبال مرحبٌ به،
وصاحب الشر مطرود، والشياطين مصفَّدةٌ، ومجاريها مضيقةٌ، وأبواب النار مغلقةٌ،
وأبواب الجنة مفتحةٌ، والقرآن يتلى والملائكة متنزلةٌ، والجموع متعبدة، والأجور مضاعفةٌ، ومن هيِّئ له كك هذا ولم تشتق نفسه للخير، ولم يكن له فيه سهمٌ، فليتفقد قلبَه،فإنه لا قلب له.

أمَا وقد انتصف رمضان وقارب، فهل سأل سائلٌ منا نفسه، أين من الخير في شهر الخير،هل كنت من طلابه،الداخلين مع أبوابه،فإن كان كذلك فطوبى له، وإن كان بخلاف ذلك، فماذا ينتظر،
أينتظر أن يقال، غدًا العيد، وهو لم يقدم من الخير شيئاً أينتظر أن يخرج الشهر وقد رغم أنفه ولم يغفر له،
ألا فرحم الله امرأً حاسب نفسَه، وقد انتصف شهرُه، فنظر فيما مضى، وعمل لما يأتي،فإن كان محسنًا ازداد،
قال عليه الصلاة والسلام،لمعاذٍ(ألا أدلُّك على أبواب الخير،الصوم جُنة،والصدقةُ تطفئ الخطيئةَ كما يطفئ الماءُ النارَ، وصلاة الرجل في جوف الليل،
ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ رأسُ الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاة، وذروةُ سنامه الجهاد،ألا
أخبرك بذلك كله،كف عليك هذا،وأشار إلى لسانه)قال،يا نبي الله، وإنَّا لمؤاخَذون بما نتكلم به،قال(ثكلتك أمُّك يا معاذ،وهل يكبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم)
وقال،عليه الصلاة والسلام (من أُعطي حظَّه من الرِّفق، فقد أعطي حظه من الخير، ومن حُرم حظه من الرفق، فقد حُرم حظه من الخير)
وعن عبد الله رضي الله عنه،قال، جاء رجلٌ إلى النبي،صلى الله عليه وسلم،فقال،إني لا أستطيع أن آخذَ من القرآن شيئًا،فعلمني ما يجزئني، قال(قل، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)
قال،يا رسول الله، هذا لله،فماذا لي،قال(قل،اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني)
فقال هكذا بيديه وقبضهما،فقال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(أما هذا فقد ملأ يديه من الخير)
وعن أبي ذر،رضي الله عنه،قال
(أوصاني خليلي،صلى الله عليه وسلم،بخصالٍ من الخير،أوصاني ألاَّ أنظر إلى من هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني، وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت،وأوصاني ألا أخاف في الله لومة لائمٍ، وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرًّا، وأوصاني أن أُكثِرْ من لا حول ولا قوة إلا بالله،فإنها كنزٌ من كنوز الجنة)
وقال،عليه الصلاة والسلام (حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيءٌ، إلا أنه كان رجلاً موسرًا، وكان يخالط الناس، وكان يأمر غلمانَه أن يتجاوزوا عن المعسر، فقال الله،عز وجل،لملائكته(نحن أحقُّ بذلك منه، تجاوزوا عنه)
هذه أبواب الخير،صلاةٌ وصومٌ وقيام ليلٍ، وصدقةٌ وإحسانٌ وحب للمساكين، ورفقٌ بالناس وتجاوزٌ عن المعسرين، وصلةٌ للرحم ورحمةٌ، وكفٌّ للسان عن الشر وإشغالٌ له بالتلاوة والذكر، وقولٌ للحق وأمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر،
فمن منا الموفَّق الذي جمعها كلَّها،من الذي حافَظ على تكبيرة الإحرام مع الإمام منذ دخل الشهر،من الذي صبر وصابر ورابط، وقام مع الإمام في التراويح ولم يفته القيامُ ليلةً،هل حفظنا الألسنة من قول الزور والغيبة والنميمة والكذب،هل رطبناها بذِكر الله وقراءة القرآن،أكثرنا من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، وحفظنا صيامنا من اللغو والرفث،هل تواضعنا ورفقنا بمن نعاملهم من أهل وأبناء، وجيران وزملاء، وعمالٍ وأجراء، هل تجاوزنا عمَّن أساء إلينا وصفحنا وعفونا،وعدنا إلى الأرحام المقطوعة فوصلناها،طاعةً لله،وتخلصًا من الذنب والمنكرات التي في بيوتنا،ومن أعظمها القنوات الفضائية،فلنتق الله في أنفسنا،ولنلحق بركب أهل الخير،والدالين عليه،ولتكن منا أمةٌ تدعو إليه، فإنه لا نجاة إلا لأهل الخير،
قال،صلى الله عليه وسلم(يخرج من النار من قال،لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرةً، ثم يخرج من النار من قال،لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن بُرَّة، ثم يخرج من النار من قال،لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرةً)رواه البخاري.
وقال عليه الصلاة والسلام(إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناسًا مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل اللهُ مفاتيحَ الخير على يديه، وويلٌ لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه)
وقال(إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت - لَيُصلُّون على معلِّم الناس الخير)
قال(الدالُّ على الخير كفاعله)
وقال(من سنَّ خيرًا فاستن به، كان له أجره، ومثل أجور مَن تبعه، غير منقصٍ من أجورهم شيئًا)
وأما من ثقل عن الخير، أو صد عنه لمانعٍ، أو حبسه حابسٌ، فلا أقل من أن يحبَّ أهل الخير، ويكفَّ شرَّه وأذاه، فإن له بذلك أجراً،
عن أنس بن مالك،رضي الله عنه،قال، رأيتُ أصحابَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،فرحوا بشيءٍ، لم أرهم فرحوا بشيءٍ أشد منه، قال رجلٌ،يا رسول الله، الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله،
فقال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(المرءُ مع من أحبَّ)

وقال،عليه الصلاة والسلام(على كل مسلم صدقةٌ، فإن لم يجد، فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدَّق،فإن لم يستطع،فيعين ذا الحاجة الملهوف،فإن لم يفعل،فيأمر بالخير،فإن لم يفعل، فيمسك عن الشر، فإنه له صدقةٌ)

اللهم تقبل منّا صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا بين يديك وأعد علينا رمضان اعوام عديده وأزمنة مديده انك على كل شيء قدير،
اللهم إنا نسالك ادعية مُستجابة وذنوب تغفر وحاجات تقضى اللهمّ أغفرلنا وارحمنا
كل عام والجميع بألف خير وعساكم من العايدين الفايزين،