بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وداعا شهر الصيام
اللهم أعد علينا رمضان أعواماً عديدة،وأزمنة مديدة،ونحن في صحة وعافية وإيمان،وأمان
يا شهر القرآن،يا شهر التراويح والقيام،يا شهر الصدقة والصيام،وداعاً يا أحلى الليالي وأسعد الأوقات،كم كان فيها من خيرات ونفحات،وتلاوات وصدقات،وجباه ساجدة،وعيون دامعة،وأفئدة وجلة،وداعاً وتلهب كل الخدودِ دموعُ الوداع،لقد عشنا رمضان،أحببناه وأنسنا به،لقد ملك قلوبنا،وصافح أحاسيسنا،وهاهو الآن يفارقنا، يودعنا،شاهد لنا أوعلينا،فيا ليت شعري من هو المقبول فنهنيه،ومن هو المحروم فنعزيه،
كيف لا تجري للمؤمن على فراقه دموع،وهو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع،أين المجتهدين في نهاره،وأسحاره،فكيف حال من خسر في أيامه ولياليه،ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه،وقد عظمت فيه مصيبته،كم نصح المسكين فما قبل النصح،كم دعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح،كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد،حتى إذا ضاق به الوقت،وخاف المقت،ندم على التفريط حين لا ينفع الندم،
لا بد لنا بعد هذا الفراق من وقفة يقفها كل مسلم ومسلمة،يقف مع نفسه قائلاً،لقد عشت رمضان،وصليت فيه، لقد صمت فيه وقمت، لقد كنت أحرص فيه على الطاعة، وأسارع إلى القربة، لقد أحسست فيه براحة قلبي، وهدوء نفسي، وصفاء عيشي. ولذة المناجاة والأنس بالله تعالى،
لماذا لا نجعل من عمرنا كله رمضان،هل هناك عائق يعوق،
أمتع وأحلى وألذ من تلك اللحظات،في رمضان،
أن النفوس تمل، ولا يمكن أن تبقى على حال واحدة من النشاط والإقبال، وأن لمواسم الخيرات نفحاتها ورحماتها وبركاتها وإقبالها، ولكن إياك يا نفس أن تكوني كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً،
قول حبيبا محمد صلى الله عليه وسلم(إن لكل عمل شرة ، ولكل شرة فتنة ، فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى ،ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك )رواه أحمد، وصححه الألباني،
إن من علامات قبول الطاعة الطاعة بعدها،
الحسنة تنادي أختها، والموفق من حافظ على حسناته من الضياع، وواظب على الطاعات والإحسان وهو على أحسن حال من الإنابة والإقبال على الله،
حافظ على الصلوات الخمس في جماعة كما كنت في رمضان،
صم الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر،وأكثر من النوافل،
واظب على قراءة القرآن الكريم،الوتر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تتركه ولو حتى بعد صلاة العشاء مباشرة إن لم أستطع القيام في الليل،
اجعل مبلغاً محدداً كفالة اليتيم،أو إعانة طالب علم،ولو مبلغاً يسيراً،فالحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ولا يزال الله ينمي الصدقة في يده سبحانه حتى تكون مثل الجبل، ولعله أن يكتب بذلك الدرهم آلاف الحسنات؛ والله ذو الفضل العظيم،
أبواب الخير كثيرة مشرعة طوال العام ، بر وصلة، جود وإحسان، خوف ورجاء، إحسان إلى الوالدين، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر،حسن خلق، معاشرة بالمعروف،وحج وعمرة،
فلنجتهد في فعلِ الطاعاتِ، واجتناب الخطايَا والسيئاتِ، لنفوز بالحياةِ الطيبةِ في الدنيا والأجْر الكثير بعد المَمَات، قال تعالى(مَنْ عَمِلَ صَـلِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)النحل،

نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا فيه خير ما كتبه لعباده الصالحين وأن يجعلنا ممن أعتقهم من النيران إنه جواد كريم،
اللهم اجعل شهر رمضان شاهداً لنا عندك يوم نلقاك،
اللهم أعده علينا أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن في مزيد من الصحة والعافية والأمن والإيمان
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وثبت قلوبنا على الإيمان.