بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
الذنوب مهلكات، وهي أنواع فبحسب ما يغفره الله وما لا يغفره الله تنوعت إلى ثلاثة أنواع،
الأول،ذنب لا يغفره الله،جل وعلا، وهو الشرك به، أعاذنا الله من الشرك
والثاني، وذنب يغفره الله،جل وعلا،ما استغفر صاحبه وهو الذنب الذي بينك وبينه جل جلاله،
والثالث،وذنب لا يغفره الله حتى يقتص من صاحبه وهو الظلم والظلم ظلمات،
وهناك ذنوب لا يغفرها الله،جل وعلا، إن مات صاحبها عليها،وهي دون الشرك،إلا إن عفا الله سبحانه وتعالى،وهي الذنوب التي يجاهر بها أصحابها(فكل أمتي معافى إلا المجاهرون)
(كل أمتي معافى إلا المجاهرين،وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول،
يافلان،عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه،ويصبح يكشف ستر الله عنه)رواه البخاري،
ذنوب الخلوات، يعتبر من أشد أنواع الذنوب خطراً على فاعله،وأصل الانتكاسات على العبد،
الانتكاسة في الدين والتقوى،وفي الرزق، يرزق العبد،فينتكس حاله بسبب هذا النوع من الذنوب،
الانتكاسة في العافية والصحة بسبب الذنوب، الانتكاسة في الأمانة،فيما شئت أن تفكر فيه بسبب هذا النوع من الذنوب
ذنوب الخلوات،تلك الذنوب التي يتعمدها المرء تعمدا فيتجرأ على محارم الله أين كانت ويجعل الله،جل جلاله، أهون الناظرين إليه،

من قواعد الشريعة أن الحسنات يذهبن السيئات، ولكن لا يخطر على بال بعض الناس،أن هناك سيئات تبطل الحسنات،يقول الله تعالى(إن الحسنات يذهبن السيئات)
قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم أنه قال(لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة ‏بيضاً،فيجعلها الله عز وجل هباء منثوراً،قال ثوبان، يارسول الله صفهم لنا،جلهم ‏لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم،قال،أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم،‏ويأخذون من الليل كما تأخذون،ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)رواه ابن ماجه،وصححه الألباني
هذا الحديث على وجهين
الوجه الأول والأكثر والأشهر عند العلماء ، أن هؤلاء مراءون وليست أعمالهم خالصة وإنما البياض الذي وصف في الحديث هو كناية إلى أصل الحسنات أنها كثيرة والحسنات بيضاء، ولكنهم كانوا يراءون ويقولون ما لا يعملون، فلذلك بطلت هذه الحسنات ويشهد لذلك حديث الذي يجر أقتابه في النار في جهنم فيقول له الناس(ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر،قال،بلى كنت أأمرك بالمعروف ولا آتاه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)
وهذا كهذا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل أبيض وصاحبه صاحب وجه أبيض ولذلك إذا كان لغير الله فإن صاحبه يوم القيامة وجهه أسود ويجر أقتابه في النار،
الوجه الثاني،أنهم يعملون أعمالاً خالصة لا يراءون، ولكنهم يأتون محارم الله ويفعلون أفعالاً تُبطل هذه الحسنات،وتذهبها،
هناك من السيئات ما تبطل الحسنات والعياذ بالله،
إن داء انتهاك محارم الله في مكان لا يعرفك ولا يراك فيه إلا الله، بنظرة تنظر إليها، بشاشة تقلبها، إلى بلد تسافر إليها، إلى مكان لا يعرفك فيه أحد ولا يعرفك إلا الله فتتجرأ على محارم الله ويكأن الله لا ينظر إليك،ونسيت الآيه،اقرأ(ألم يعلم بان الله يرى)إن الذين ينتهكون محارم الله يأكلون الحرام،وكأنهم أمام الناس لا يفعلون،ينظرون إلى الحرام والواحد منهم أمام الناس قديس وفي خلوته صاحب لإبليس،إلا من شاء الله،
كثير أولئك الذين يضعفون إذا كانوا لوحدهم، ولا يرقبون الله،في أعمالهم، ومن جعل الله نصب عينيه ارتقى إلى أعظم درجات الإيمان وأعظم درجات المعاملة مع الله كما سماها العلماء، وهي درجة الإحسان(أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
قال الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه(إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلإ ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها،وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)رواه البخاري ومسلم،
قال ابن رجب،رحمه الله،وخاتمة السوء سببها خبيئة سوء للعبد لم يطلع عليها الناس،فانظر إلى دسائسك، وانظر إلى خلواتك واستيقظ.
وإن من أعظم أسباب تعظيم الله في القلوب ، كثرة ذكر الله، فمن عرف الله في الرخاء عرفه الله في الشدة، عرفه وقت ما تتزين له المعصية
فيقول(إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)فيتوقف ويتذكر ويقول، حاشا لله، معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي،
نسأل الله أن يختم لي ولكم بالعافية والصحة ويختم لنا بلا إله إلا الله،
فاللهم أحينا في سبيلك وأمتنا في سبيلك يا رب العالمين،
قال تعالى(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)هم أهل الولاية، أهل المراقبة وأهل التقوى،
نسأل الله ،جل وعلا،أن يجعلنا منهم،وأن يختم لي ولكم بالعافية والصحة ويختم لنا بلا إله إلا الله،
فاللهم أحينا في سبيلك وأمتنا في سبيلك،
اللهم احشرنا في زمرة أولئك الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقاً،
اللهم يا رب العالمين،