بسم الله الرحمن الرحيم




كما في معادلات الكيمياء، عندما نضع المكونات الممثلة لأطراف المعادلة الأولى، لتتفاعل معًا وتُخرج لنا النتائج التي تمثل أطراف المعادلة الثانية. وهنا نجد أن مكونات المعادلة الخاصة بالأسرة الناجحة، هي الأم + الأب + الأطفال، وأن النتائج المرجوة هي الأسرة الناجحة، فكيف يمكن الوصول لهذه النتيجة التي يتمناها الجميع؟ هناك أدوار عدة يلعبها الأب بالتأكيد، ولكننا اليوم سنركز على مكون يُعتقد دائمًا أنه الأكثر تأثيرًا في المعادلة، وهو الأم، فعندما توجد أم سعيدة وناجحة، بطبيعة الحال ينعكس ذلك على الأسرة بأكملها، الزوج والأبناء كذلك ونجد لدينا أسرة سعيدة.
في الثقافات الشرقية نجد معضلة دائمة، وهي أن تخبو الفتاة بعد الزواج والإنجاب، فالبنت النشيطة المتألقة التي تشارك في النشاطات المختلفة وتشترك في الجمعيات الخيرية وتأخذ كورسات اللغات، وتَحضر الإيفينتات المختلفة وربما تنظمها كذلك، بمجرد زواجها تتخلى عن نصف نشاطاتها، وبمجرد إنجابها تعتبر أن حياتها الشخصية قد قضت نحبها، وأن صرخات الولادة التي أطلقتها كانت نوعًا من الحداد على كونها كائنًا مستقل له نشاط يسعده ويهمه وحده.

بكل أسف هذه هي نظرة المجتمع نفسه للأم الشابة، التي يجب أن تَدفن كامل متعها ورغباتها، لتحقق رغبات أسرتها. فكيف تقتطع من وقتها ما يكفي لمتعة أو نشاط خالص لها، وأسرتها تحتاج لها؟ هل تعرفي أن عدم اقتطاعك لوقت خاص بكِ لتمارسي به نشاطات قديمة وتتعلمي أمورًا جديدة، هو بالضبط شرارة المشكلات والمعاناة في أسرتك؟ أنتِ لا تفيدين أسرتك بكبت رغباتك لتوفير مزيد من الوقت لهم، بل تتسببين في تكوين أسرة تعيسة. لذا تذكري أنتِ تستحقين، لست عبئًا زائدًا، وقتك الخاص ليس رفاهية، بل هو صمام أمان لك ولأسرتك.

الوقت لم يفت ولن يفوت
أحد أكبر المعضلات في طريق سعادتك وسعادة أسرتك هو أنتِ شخصيًا، اعتقادك الذهني عن نفسك أن الوقت قد فات وأنك أكبر/ أنضج/ أكثر انشغالاً من أن تمارسي بعض الأعمال،
لم يفت الأوان على أن تتعلمي، لم تكبري في السن ليفوتك وقت التعلم وتحقيق أحلامك مهما كان عمرك، لا يجب أن يكون التعلم بغرض العمل أو تحصيل شهادة. يمكنك التعلم لأجل سعادتك بممارسة ما تحبين.

يجب ألا تتركي الأفكار السلبية لتعيقك عن هذا، يجب ألا تنساقين لمن يقنعونكِ أن “بعد ما شاب ودوه الكتاب”، لأنه لو لم يذهب للكُتَّاب مطلقًا لبقي جاهلاً ولن يفيد ذاته أو الآخرين.

لا يمكن للأموات أن يهبوا الحياة

أخيرًا تذكري ويجب أن تحرصي على أن يتذكر من حولك (زوجك، عائلتك الكبيرة، أطفالك) أن معادلة الأسرة السعيدة تقتضي أن يكون هناك أم سعيدة لتتمكن من إسعاد أسرتها والاهتمام بهم.

فالسعادة استثمار طويل الأمد لخلق أسرة ناجحة، فلا يمكن للأموات أن يهبوا الحياة، وإن كانت سعادتك وأحلامك وشعورك بأهميتك وأنك تستحقين وقدرتك على التعلم والتحصيل والإنجاز ميتة، فكيف يمكن أن تساعدي أطفالك على ذلك، أو أن تقفي بجوار زوجك ليحقق ذلك؟!
وكما هو الشعار الناجح: أم سعيدة = أسرة سعيدة
.