نلاحظ ما الذي يحدث في حفلات الزفاف من ترف مبالغ فيه ، الذي قد يكون ناتجا عن قرض مصرفي أو من حر مال الزوج ، فمن لديه المال الكافي لصنع ذلك الترف ولديه مال آخر لعيش حياة كريمة له ولزوجته وأبنائه وبناء مستقبل زاهر لهم فلا حرج عليه ، و من لديه المال النقدي الكافي لصنع ترف الحفل المبالغ فيه فقط ، فذلك أمر نسبي يحدده الزوج ما إذا كان يستطيع أن يعيش حياة كريمة بعد الحفل أم لا ، مع أنني لا أرجح ذلك ، لأنه قد يكون ذلك المبلغ نقطة بداية جيدة لبناء مستقبل جيد لهم .

عادة يحدث الترف نتيجة الضغط على الزوج من قبل الزوجة أو أهلها ، لكن ماهي النتيجة التي سنحصل عليها بعد ذلك الترف في حال أن كان عن طريق قرض مصرفي ؟ ستكون النتيجة هي سداد الأقساط إلى ما يقارب ثلاث سنوات أو ربما أكثر ، الذي سيخلف تقصيرا في الصرف على الزوجة أو على احتياجات العيش الكريم ، وماذا بعد تلك النتيجة ؟ هل وجاهة الزوجة وأهلها ستكون أهم من راحة الزوجة في منزلها ومعيشتها بعد الحفل ؟ بالطبع لا ، حيث راحتها في منزلها وعيشها أهم بكثير من وجاهتها أمام الناس في تلك الليلة الواحدة ، والتي ستنسى من قبل الناس الذين يشجعونها على الاهتمام بالمظاهر الكذابة .

هناك نقطة مهمة ، نلاحظ بعض الأحيان ، أن المقبل على الزواج يرفض من قبل المتقدم إليها أو من قبل أهلها نظرا لعدم قدرته المادية على المصاريف المطلوبة لحفل الزواج ، وقد يكون زوجا صالحا وخلوقا وعلى دين أيضا ، ويقبلون برجل آخر قد يكون أقل خلقا ودينا ، لكن ما يميزه هو أنه سيدفع التكاليف المطلوبة منه بدين بنكي أو بالنقد ، ولكن قلة أخلاقه ودينه قد تؤثر على سعادة الزوجة بسبب سوء تقدير ذلك الزوج أو قلة احترامه لها ، سؤالي هو : لم وصلنا لهذه الدرجة من قلة الوعي ؟ أيعقل أن يفرط الإنسان بسعادته و راحته بسبب مظاهر زائلة لن تنفعه سوى أن يتلقى بعض الثناء من الناس ؟ هل الناس الذين أثنوا عليه سوف يقدمون له يد العون إذا احتاج مبلغا من المال ليسد ضيقا ؟

هناك أيضا نقطة تقليد الآخرين ، فمن أسباب الضغط على الزوج في إحياء حفل زفاف مبهر وتحميله فوق طاقته ، هو أن زوجة الشخص ذي الدخل المحدود تريد أن تكون حفلتها بمستوى حفلة صديقتها زوجة الشخص الغني ، فلا يهمها حالة زوجها المادية ، بل يكون هدفها فقط هو أن تكون بمستوى تلك الصديقة ذات الزوج الغني ، كي لا تشعر بأنها أقل منها منزلة ، إن هذا النوع من الفتيات يقدس المظاهر ولا يعير اهتماما للمستقبل ولا لحالة الزوج الذي هو ضحية لأفكارها .

لو فرضنا أن تكاليف الحفل كلفت مبلغا كبيرا سواء بالدين البنكي أو بالنقد ، أليس من الأولى أن يكون هذا المبلغ نقطة بداية لبناء مستقبل زاهر لأولئك الأزواج وأبنائهم ؟ ألن تتألم تلك الزوجة حين يطلب منها أبناؤها شراء غرض وجدوه عند أصدقائهم ، و ترفض شراءه بسبب عجزها المالي هي وزوجها الناتج عن سداد أقساط ذلك الحفل ؟ أنا لست ضد حفلات الزفاف ، فمن حق الزوجين أن يفرحا بتلك الليلة الجميلة ، ولكنني ضد المبالغة في تلك الحفلات وتحميل الزوج فوق طاقته المالية .

ختاما ، أرجو أن نعمل كما أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما قال في حديثه الشريف : " إذا خطل أليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " * ، كما أتمنى أن ننظر إلى الأمور نظرة عملية ومستقبلية تفيدنا وتفيد أبناءنا ، و ليس نظرة كيف نبهر المعازيم .