النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: خطُّ الفقر وتكاليف المعيشة .!!

مشاهدة المواضيع

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    عضو مؤسس الصورة الرمزية عضو دائم
    رقم العضوية
    16693
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,662

    خطُّ الفقر وتكاليف المعيشة .!!

    خطُّ الفقر وتكاليف المعيشة

    لقد قمتُ بدراسةٍ سابقة في 2011 ووجدتُ أنَّ الحد الأدنى لتكاليف المعيشة الأساسية في قطر كان مبلغ 150ر6 ريالًا، ولهذا حذرتُ السلطاتِ القطريةَ، في 19/6/2011 من أنَّ أصحاب معاشات الشؤون الاجتماعية يعيش أكثرُهم تحت مستوى الكفاف، ولا أحدَ يشعر بأحوالِهم لأنَّهم يتمثّلون بقوله تعالى ".. يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا.." البقرة: 273. والحمد لله استجابَ صاحبُ السموّ أمير البلاد المُفدّى، في 2014، لتلك المُناشدة ورفع معاشاتهم إلى أكثرَ من الضعف، ما وفّر حياةً كريمة لهم، وأعطاهم راحة البال. وفي مايو 2021 قمتُ، من خلال تويتر، بتطبيق استبانة لمعرفة مستوى المعيشة في قطر بهدف معرفة الحدّ الأدنى لمستويات المعيشة الجديد، أو ما يعرف تجاوزًا بمصطلح "خطّ الفقر". طبعًا هناك مصاريف لم أقُمْ بحسابها تضمُّ الأفعالَ والنشاطاتِ المختلفةَ، مثل جودة التغذية والسكن والملبس، إلى أمور معقّدة مثل احترام الذات والمساهمة في الحياة المدنيّة. الردود على الاستبانة كانت مُفاجِئة فقد وجدتُ أن مستويات الحد الأدنى للمعيشة قد قفزت من 150ر6 ريالًا في 2011 إلى 850ر15 ريالًا في 2021، أي بزيادة تصل لأكثر من 250 % (انظر الجدول). والجدول يوضّح أنه من كان دخلُه من الأسر أقلَّ من 850ر15 ريالًا يعدّ من الفقراء الذين يستحقّون الحصول على جزءٍ من أموال الزكاة.

    الصنف

    2011

    2021

    الزيادة %

    المواد الغذائية الأساسية

    2000

    4300

    215

    المواد الغذائية الثانوية

    800

    2100

    263

    مواد التنظيف

    400

    1750

    438

    الملابس

    250

    800

    320

    مصروفات المدارس

    300

    900

    300

    مصروفات السيارة

    600

    1900

    317

    تكاليف السائق

    900

    2100

    233

    تكاليف الخادمة

    900

    2000

    222

    المجموع

    6150

    15850

    258






















    والسبب في الارتفاع الكبير في مستوى المعيشة يعود، من وجهة نظري، إلى إجراءات قامت بها الحكومة بدون تعويض الشعب عنها مثل:
    1- زيادة الإنفاق على مشاريع البنية الأساسية وملاعب كأس العالم 2022، ما أدّى إلى ارتفاع نسبة التضخم.
    2- فقدان الريال القطري جزءًا كبيرًا من قيمته الشرائية.
    3- التشريعات العديدة التي صدرت لصالح عمالة مشاريع كأس العالم 2022 الوافدة.
    4- رفع الحد الأدنى لرواتب العمالة الوافدة.
    5- رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية مثل اللحوم والمحروقات.
    بجانب ذلك أرى أن هنالك أسبابًا أخرى منها جشع التجار غير المسيطر عليه، والصرف التبذيري لبعض الأفراد، ولا ننسى كورونا وما أدّت إليه من ارتفاع في استهلاك موادّ التنظيف.

    إن المواطنين والمقيمين في قطر يعيشون في هَمٍّ كبير بسبب استقطاع جزء كبير من رواتبهم الشهرية، التي لا تكاد تكفي، لمواجهة متطلبات الحياة التي تتزايد يوميًا ولا رادع لها. وأعرف أحد الأصدقاء الذي لم يفكّر في يوم من الأيام باللجوء للقروض البنكية، يسارع لأخذ قرض عاجل لمواجهة أمر طارئ؛ لأنَّ الحكومة أصدرت تعليمات بخفض النفقات الشهرية للموظفين غير القطريين بنسبة 30 بالمئة، بالإضافة إلى أن الحكومة أوقفت الترقيات والبدلات النقدية للموظفين القطريين وغيرهم مقابل الإجازات وتذاكر السفر، كما أوقفت معظم المدفوعات المسبقة (السلفيات على الراتب). إن أسوأ شيء في الوجود هو أن يشعر المواطن داخل بلده بالحرمان بسبب ظروف قد تكون أقوى منه، في حين أنه يجد آخرين يعيشون من حوله برفاهية ما ينذر بتعرضه لضغوطات نفسية خطيرة خاصةً عند مواجهة تحديات اجتماعية ليس بقادر على مواجهتها. والمشكلة أن مثل هذه الحقائق تصل لمتخذي القرار بصورة مغلوطة. ففي إحدى المرات كنت أجالس أحدهم من أصحاب القرار، وكنا نتحدّث عن الزيادات المستمرة في تكلفة المعيشة في قطر، وأن هذه الزيادات تدفع الكثيرين من الموظفين والمتقاعدين إلى أن يصبحوا من أهل الزكاة. فانبرى أحد المستشارين بالقول: كلامك كله غلط يا دكتور. وواصل المستشار كلامه بالقول: "إن غالبية القطريين هم من أصحاب الملايين، يكفي أن البيت اللي ساكنه لا يقل سعره عن خمسة ملايين ريال قطري". قلت له: "يعني أبيع البيت حتى يقال إني مليونير؟ لكن وين أروح بعد ذلك؟"، فصمت المستشار الهمام الذي يروِّج أن القطريين هم من أصحاب الملايين. ويصبح المواطن القطري- الذي راتبه أو معاشه أقل من 850ر15 ريالًا- أمام عدة خيارَات: أن يقترض من البنوك، وفي الأخير يصبح من أصحاب الديون المتعثرة. أو أن يبحث عن عمل آخر بجانب ما يقوم به، ولكن هذا الحل صعب؛ لأن الكثير من العاطلين يبحثونَ عن عمل ولا يجدونَه. أو أن يقومَ بمخالفة القوانين ويطلب، على سبيل المثال لا الحصر، رِشوة مقابل إنهائه بعض الأعمال التي تكون من صميم عمله، والعجيب أنَّ البنك الدولي من خلال دراسة أجراها يشير إلى أن الحصة التي تنفقها الأسر الفقيرة من دخلها على الرِّشوة تتجاوز ما تنفقه الأسر الغنية. إن المواطن والمقيم في قطر يبحثان عن أي بارقة أمل لترفع عن كاهلهما أعباء المعيشة، ولهذا عندما قال سمو الأمير في 7/6/2017، وتحديدًا في مجلس عزاء لأحد المواطنين: "ابشروا بالعز والخير"، استبشر الناس خيرًا وعمت الفرحة جميع أطياف الشعب القطري، وزادت فرحتهم وفرحة المقيمين معهم عندما قام سموّ الأمير المفدّى بتاريخ 19/9/2017 ومن على منصة الأمم المتحدة وقال: "واسمحوا لي في هذه المناسبة ومن على هذه المنصة أن أعبّر عن اعتزازي بشعبِي القطري، ومعه المقيمون على أرض قطر من مختلف الجنسيات والثقافات". وأنا لا ألوم المواطن والمقيم في تفسير ما يسمعان أو ما يشاهدان لأن الوضع أصبح صعبًا وغير مُحتمل، ولا يزال المواطن والمقيم، رغم الخصومات التي طالت رواتبهما الإجمالية، ينتظران مبادرة من مبادرات سموّ الأمير المُفدّى الكثيرة لتحقيق مدلول عبارته الشهيرة "ابشروا بالعز والخير".

    وفي الختام نقول: إن الدولة تتفاخر وتتباهى بالمساعدات والهبات التي تدفعها بمئات الملايين من الدولارات لمناطق تقع خارج حدود الوطن، متناسين قوله تعالى: "لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ .." البقرة: 177. ويجب ألا ننسى قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل شيء فهكذا وهكذا، يقول: فبين يديك، وعن يمينك وعن شمالك". وأرجو ألا يفهم كلامي أنه طلب بزيادة الرواتب، فهذا أمر غير مرغوب به، لأن أي زيادة سيبتلعها التجار في نفس اليوم، ولكني أطلب أن تضغط الحكومة على التجار بتوفير سلع أساسية مخفضة، خاصةً المواد الغذائية والمحروقات. فالكويت، على سبيل المثال، لا تدعم كل البضائع في بطاقة تموين المواطن الكويتي، ولكنها تطرح العديد من تلك الأصناف بأسعار مخفضة، ولا تتحمل الحكومة ولا التجار أية تكاليف إضافية. إن هذا المقال هو دراسة أولية قمتُ بها وأنصحُ الحكومة بإجراء دراسات معمقة لمستويات المعيشة حتى تكون الصورةُ أوضحَ وأدقَ عن الوضع في قطر.

    والله من وراء القصد ،،

    الدكتور / محمد بن علي الكبيسي
    التعديل الأخير تم بواسطة عضو دائم ; 13-06-2021 الساعة 10:43 AM سبب آخر: الافضل
    التوقيع




    انت تريد وانا اريد والله يفعل ما يريد ...

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •