'إن خير من استأجرت القوي الأمين'
لا تلهث وراء سراب التوزيعات فقط

في السوق نقص وعي مالي مخيف
!


10/02/2007 كتب محمد الإتربي:
سياسات الاستثمار واستراتيجيته في الاسواق الرأسمالية تتباين وتختلف باختلاف المستثمرين وتوجهاتهم وثقافاتهم، وقدراتهم على قياس الاداء الحقيقي، وكذلك النزعة الاستثمارية: هل هي مضاربية استثمارية قصيرة الاجل، ام العكس.
ثمة لاعبون في اي سوق يفرضون او يحددون اتجاهاته.. هم بالطبع كبار الرأسماليين، والصناديق والمحافظ، اي من يملكون 'البلوكات' والكتل المالية والنقدية الكبيرة، فهم الاقدر دون غيرهم على توجيه السوق، وتحديد اتجاهاته حتى طبيعة الاستثمار فيه ما بين مضاربي او استثمار طويل الاجل، وفي كل الاسواق يلحق الصغار الكبار اذا استطاعوا الى ذلك سبيلا!
وعشية دخول سوق الكويت للاوراق المالية فعليا دائرة التقييمات بين هذا السهم وذاك نتيجة حلول فترة الاعلانات وتوصيات الارباح.
تبدأ الحسابات والمقارنات بين هذا السهم وذاك ليشهد السوق مفارقات ومقارنات غريبة وعجيبة، يصفها المراقبون الماليون ومحترفو الاستثمار بانها مشوبة بالكثير من الخلل لعدة اسباب:
1- قارن ما يقارن

تبدأ أول الاخطاء بالمقارنات الضيقة وغير العادلة ما بين هذا السهم الذي يعود لمؤسسة عريقة دأبت على النمو، واخرى لا تضاهيها بشيء، ولا سبيل للمقارنة بينهما وبالتالي تظهر المقارنة غير منصفة.
2- التصنيف قطاعي أولا

مقارنة أسهم القطاعات المختلفة ببعضها البعض، وهنا ثمة خلل آخر، فكل قطاع يجب ان يقارن ببعضه البعض، بقياس الاداء للأنشطة الشبيهة، حيث ان الخدمات والصناعة، لا تقارن بالبنوك والاستثمار، فلكل قطاع استراتيجيته ومصادر ربحية تنمو بشكل مختلف عن الآخر.
3- تمسك بالنامي

يجب ان يتم تقييم فترات تاريخية ثم الأخذ في الحسبان المستقبل والتوقعات للسهم، بمعنى آخر لا يمكن الركون أبدا لبروز شركة أو سهم ما على اساس توزيعات قياسية عن العام الماضي على انه أفضل من الآخر، الافضل هو النظر إلى الوتيرة المتوازنة والمتنامية والمضمونة، حيث انه لا يوجد مستثمر يمكن ان يرضى بأن يحصل على توزيعة قياسية هذا العام، ولا يحصل على أفضل منها العام المقبل، لذا يجب ان تؤخذ التوقعات المستقبلية بعين الاعتبار، ووضع هذا السؤال محل الاهتمام: هل ستستمر وتتمكن تلك المؤسسة من مواصلة المشوار على هذا المنوال؟ فإذا ما كانت تملك الامكانات، فهي جديرة دون غيرها بالتمسك بالسهم، بل وزيادة الاستثمار فيه.
4- راهن جيدا

ليقرأ المساهمون المغزى من التوزيعات القياسية والفجائية، قبل الاندفاع وراء هذا السهم أو ذاك، فقد تكون لأسباب تتعلق بأن الشركة لم توزع منذ سنوات على المساهمين، وبالتالي ليس ذلك مبررا ان تهجر الأسهم القيادية والممتازة لتلحق بأسهم عابرة الاداء الا اذا:
شهدت تلك المؤسسة تغيرا جذريا في استراتيجيتها.
ستبدأ عهدا جديدا في تطوير ادائها، ومكافأة المساهمين عاما بعد آخر بعائد مجز ومناسب.
ان تكون مشروعاتها ومصادر ربحيتها واضحة على أرض الواقع، حتى يمكن ان يطمئن المساهمون ويلمسوا الثغرات الجوهرية التي تضمن لهم اداء أفضل.
5- راقب الدوران

ليعلم المساهمون أيضا ان 'الحسبة' ليست توزيعات فقط في النهاية، وهناك اداء مستمر ودوران للسهم في السوق على مدار العام، وقد تكون العوائد الاستثمارية أكثر من التوزيعات بأضعاف.
6- عائد متأخر

ثمة اعتبارات ومقاييس اخرى، فهناك من يمنحك توزيعات تساوي 10 و12%، لكن لا يرى المساهم تلك التوزيعات الا بعد مرور اشهر طويلة تكاد تصل الى ما بعد منتصف العام، حتى تفقد بعض قيمتها بالنسبة للمستثمر الذي ينتظرها لاعادة استثمارها، أو تدويرها في فرصة اخرى، لذا على كل القطاعات اسوة بقطاع المصارف ان تكون الاسرع على الاطلاق في عقد الجمعية العمومية ومنح المساهمين توزيعاتهم.
7- عينك على تركيبة الملاك

انتبهوا لتركيبة المساهمين في الشركة ومدى تمسكهم بها، ولا تخدعكم زيادة هنا أو هناك ب1% أو 2% أو 3%.
فالادارات التي تملك وتحكم هي حريصة من ناحية المبدأ على اموالك كما هي حريصة على اموالها، وهي تملك رؤية التوسع في الفرص وعلى اساس ذلك تقترح التوزيعات علما ان على الملاك الافصاح اكثر عن خططهم ولا يبقونها طي الكتمان حتى في العموميات.
ومن هنا يجب ألا يقيم المستثمر المعطيات بشكل فردي، بان تؤخذ التوزيعات بالمفرد وبالمطلق كمبرر او حد لاطلاق العنان للاستثمار في هذا السهم او ذاك.
8- .. وعين على الإدارة

فتش عن الادارة المتميزة المسلحة بمقومات النجاح 'ان خير من استأجرت القوي الامين' فما اكثرهم اذا احسنت الاختيار، واقلهم اذا تاهت المعايير واختلت مقاييس التقدير والتقييم.
ولعل تجربة السوق المريرة طيلة العام الماضي ترسخ تلك المفاهيم، فرغم خسارته نهاية العام اكثر من 12% خرج منه رابحون، بضعف تلك النسبة لكنهم قلة.
فاذا لم تكن ملما بقواعد اللعبة الاستثمارية فليس بمقدورك قراءة الموازنات قراءة دقيقة، واستخلاص الحاضر والمستقبل فانتق الادارة الجيدة والتي تجمع المميزات التالية:
الاستقرار والثبات لفترات طويلة على رأس الأجهزة التنفيذية.
من يملك الطموح والاستراتيجية الواضحة والثابتة، ويملك كل المقومات والسبل اللازمة للوصول إليها وسط كل الامواج وباختلاف اتجاهاتها.
الإدارة التي لها انجازات على أرض الواقع ملموسة يراها القاصي والداني.
الإدارة التي تنتقل بالشركة أو المؤسسة عاما بعد آخر نقلة نوعية على صعيد ادائها.
الإدارة التي تملك الحس الاستثماري المنوع والسليم ولا تستسلم فقط لفرص السوق المحلي، حيث ان كل أسواق العالم تحوي فرصا، ليست متاحة سوى لمن جد فيجد.
يجب تقدير الإدارات التي لديها قناعة بالتركيز على اداء الشركة التشغيلي، وتعمل على ذلك، فلا يهم العائد المتواضع مقابل عائد قياسي من مؤسسة أو شركة أخرى تعيش على السوق 'فالأمان' أكثر لمن يعظم مصادر عوائده التشغيلية، فالسوق لا يدوم على حال واحدة دائما.
9- أسهم أفضل من نقد

في ضوء ذلك يرى المراقبون ومديرو الاستثمار، التفاوت في تقييم العائد من التوزيعات وتقديره.
فثمة من يرى 5 أو 6% من مؤسسة ما أفضل من 10 أو 12% في شركة أخرى.
كذلك قد تكون المنحة أفضل لدى مديرين ومستثمرين من النقدي، لكن ليست مقبولة من كل الشركات، بل فقط ممن يملكون امكانات تحقيق ومواصلة النمو، فتلك ادارات جديرة بأن تترك أموالك لها تديرها كيفما تشاء، ولديك.. فالأسهم هي كالنقدي تماما، متى هممت بالتسييل تستبدلها، وكأنك ايها المستثمر تبدل 'البنكنوت' من مصرف.

--------------------------------------------------------------------------------
10-
- يرى المراقبون ان من الاختلالات الجوهرية في السوق ان بعض الشركات تعتقد ان المنحة خيار سهل ويسير وتتخفى وراءه، في التوزيع لكن هي في الحقيقة، كما يقول مديرو الاستثمار، سياسة وخيار الشركات الناجحة. التي تملك الرؤية البعيدة وطويلة الامد، فالادارات التي لديها فرص جديدة تحتاج لسيولة لافتتاحها وتمويلها.
فغالبية الشركات العالمية الناجحة، قلما تمنح النقدي، لكن في المقابل نكافئ المساهمين، ببناء استثمارات طويلة وقصيرة الاجل مدرة للعوائد، تنعكس على اداء وسعر السهم، ففي تلك الحالة ان تملك قيمة وليس ورقة مالية!
يقول مسؤول قيادي في احدى المؤسسات المالية الكبرى ان المساهمين يطلبون في كل عام قبل التوزيعات زيادة المنحة، والاحتفاظ بالنقدي.
ويضيف: قلما تجد تلك الميزة لدى شركة، مشيرا الى ان تلك التوصيات لا تأتي من فراغ، بل نتيجة اداء الشركة واستثماراتها وتوسعاتها وشراكاتها.
ويقول ايضا: حتى الشركات الناجحة التي تفضل توزيع النقدي لمساهمين، تعود اليها الاموال والتوزيعات بطريقة غير مباشرة، حيث ان اصحابها سرعان ما يعيدون ضخها في السهم والاستثمار فيه وهذا مشهد آخر يجسد الفوارق بين الاداء الاستراتيجي المستمر والحقيقي والاداء العابر الذي يأتي بصفقة ليس الا.