كيف تدير شركات الاستثمار المخاطر المحيقة بها؟

بمن نثق بعدما انكشف المستور؟


03/03/2007
كتب محسن السيد:
على الرغم من ان عام 2006 - بما حمله من توترات سياسية وتشنجات اقتصادية انعكست توترا على اداء سوق الكويت للاوراق المالية، وبما شكل امتحانا عسيرا للشركات المدرجة لا سيما شركات الاستثمار الاكثر ارتباطا وتأثرا بحركة السوق ـ لكن عددا غير قليل من هذه الشركات اظهر براعة في اجتياز هذا الامتحان العسير وحقق تفوقا ملحوظا تجلى في قدرة هذه الشركات على تحقيق استقرار ونمو في ادائها فاق ما حققته في ،2005 الذي كان بالاصل عاما استثنائيا بكل المقاييس، وفي هذا النجاح شهادة جلية لإدارات هذه الشركات على قدرتها على امتلاكها لأطر مناسبة لإدارة المخاطر والازمات، نفذتها بمهنية واقتدار عاليين، لذلك لم تحل كل الازمات التي وقعت في 2006 دون ان تحقق هذه الشركات اهدافها وربما اكثر من الاهداف الموضوعة.



شركات راسبة
في المقابل سقطت ادارات بعض الشركات الاخرى في فخ 'الاتكالية' والاستمرار في الاستثمارات الوهمية (المضاربة في الاسهم) على اساس ان البورصة ستمطر دائما ذهبا، وتركت هذه الادارات كل شيء للمصادفة، الى ان سقطت عنها 'ورقة التوت' وبدا لهم مع انتكاسة السوق ما لم يكونوا يحتسبون، فعوقبت اشد العقاب، بدأ في نتائجها الهزيلة، كما كوفئت نظيرتها التي ادارت الازمة باحتراف.



بين البينين
وبين الاقدر والاسوأ وقفت شركات في المنتصف هي التي استطاعت ادارة مخاطرها 'على قدر الحال' فحققت اداء جيدا لكنه جاء اقل مما حققته خلال 2005.
وتشير البيانات المالية المعلنة رسميا لشركات الاستثمار حتى الآن الى ان 15 شركة اعلنت عن نتائجها بينها 10 شركات حققت في نهاية 2006 نموا في ارباحها فاق ما حققته في نهاية 2005، وحققت 4 شركات من بينها ارباحا لكنها في 2006 جاءت اقل مما حققته في العام السابق.



خارطة إدارة المخاطر
هنا بعض من بنود 'الخارطة' التي اتبعتها غالبية شركات الاستثمار حسبما يفصلها مراقبون لأداء السوق وعدد من المسؤولين في هذه الشركات، والتي تفسر كيف ادارت هذه الشركات مخاطرها وعبرت 'أزمة' 2006 بنجاح:
بداية استطاعت ادارات هذه الشركات ان تقرأ السوق والدورة الاقتصادية المحلية والاقليمية والعالمية جيدا، على ان ما حدث في السوق خلال دورة الرواج التي امتدت على مدار السنوات الثلاث الاخيرة جاءت نتيجة ارتفاع اسعار النفط لمستويات قياسية وزيادة قدرة الانفاق الحكومية، بالاضافة الى التوسع في انشاء وتفريخ الشركات، والتساهل مع بعض الممارسات غير السليمة جميعها وغيرها عوامل استدعت هذه الطفرة، كان متيقنا انه سيأتي بعدها مرحلة انتقالية وفق الأبجديات الاقتصادية، فالشركات الناجحة هي التي استوعبت الدرس وقرأت المستقبل بوعي واسست لتطورات الدورة المقبلة ووضعت استراتيجية ملائمة لثلاث او خمس سنوات على الاقل تتغير وتتطور بناء على تطورات السوق ولا تمضي في اتجاه واحد.



تنويع خبرات
بناء على هذه القراءة بادرت هذه الشركات بتبني سياسة التنويع بشقيها سواء التنويع الجغرافي او الاستثماري.. بالنسبة للتنويع الجغرافي خرجت ادارات تلك الشركات بحسها العالي من محدودية وتنافسية السوق المحلي الى الاسواق الاقليمية والعالمية وفق آليات توزيع مدروسة ومرنة، ولم تغفل في الوقت ذاته السوق المحلي، بل ظلت لاعبا رئيسيا في سوقها المحلي. مع التركيز على الفرص أينما كانت بحيث لا تتركز استثماراتها في سوق واحد او سوقين وفي الوقت ذاته لا تركز استثماراتها على فرصة او اسهم محدودة في كل من الاسواق التي توجد فيها، مع الابتعاد عن الأسواق التي تشكل بؤر توتر.
وهنا يشير المراقبون الى انهم في الوقت الذي كان السوق المحلي والأسواق الخليجية تشهد تقلبات متسارعة كانت غالبية الأسواق الاميركية والأوروبية بدأت تستقر وتعطي عوائد جيدة إضافة الى النمو الاقتصادي المتسارع لغالبية الأسواق الناشئة وفي مقدمها الصين والهند، حيث استفادت غالبية الشركات المحلية من الحالة المؤاتية لهذه الاسواق من خلال الاستثمار المباشر والاسهم، وبالتالي استطاعت معادلة استثماراتها او تعويض ترنح السوق المحلي بعوائد الاسواق الاخرى حتى ان كانت تلك العوائد اقل من عوائد السوق المحلي وقت الفورة.



وآخر استثماري
اما بالنسبة لسياسة التنويع الاستثماري فقد لجأت العديد من الشركات الى تنويع سلة استثماراتها في الداخل والخارج بين الاستثمارات المباشرة في العديد من المجالات والاستثمار في الاسهم، بالاضافة الى الاستثمار في السوق النقدي بالنسبة للعملات والسندات وغيرها، اي المزاوجة هنا بين الاستثمارات طويلة الاجل (النسبة الاكبر) والاخرى قصيرة ومتوسطة الاجل، وفيما يتعلق بسياسة التنويع الاستثماري بحسب المراقبين هناك عدة معايير ينبغي ان تؤخذ في الاعتبار، وهو ما نجحت فيه ادارات بعض من هذه الشركات ومن بينها:



التنويع السليم
ان يكون العائد المخصص من الفرصة الاستثمارية في الاسواق الخارجية افضل من العوائد المحققة في السوق المحلي، او على الاقل لا يقل عنها.
اختيار التوقيت الملائم للدخول والخروج من هذه الاستثمارات وهناك شركات استثمارية نجحت بالفعل في ذلك وحققت عوائد اكثر من مجزية.
يتعين اخذ مدة الاستثمار في الاعتبار، فهناك شركات نجحت في اقتناص فرص واعدة وبعوائد تصل الى 15 في المائة لكن في مدى زمني وصل الى 6 سنوات، وعلى العكس من ذلك هناك شركات حققت للمستثمرين فيها عوائد وصلت الى 10 في المائة سنويا على بعض استثماراتها لاسيما بعض شركات الاستثمار الاسلامية.
- عند تنويع الاستثمارات خارجيا ينبغي الاستفادة والتركيز على قطاعات الاستثمار التي تمتلك هذه الاسواق الافضلية فيها، مقارنة بالاسواق الاخرى، على سبيل المثال قطاع الغاز في قطر، والعقار في السعودية، والعقار والسياحة في البحرين، وهو الوتر الذي لعبت عليه اغلب الشركات التي استثمرت في المنطقة وحققت استفادة جيدة.
- الشركات ملزمة بتجاوز تحدي عوائد الودائع وسندات الخزينة، وهناك شركات استثمار نجحت بالفعل في هذا التحدي بتحقيق عوائد فاقت عوائد الودائع وبنسب مخاطر معقولة، اخذا في الاعتبار ان عائد الودائع أأمن استثمار ولا يحتاج لادارة ولا قيادة.



الابتكار في الادوات
القدرة على ابتكار الادوات الاستثمارية وتنويع الخدمات الاستثمارية المقدمة بالاضافة الى الخدمات التقليدية التي تقدمها شركات الاستثمار كإدارة المحافظ والاصول والصناديق الاستثمارية وتأسيس الشركة والاتعاب الادارية المحصلة من ادارة وتقديم هذه الخدمات، وقد كان الابتكار والتنويع احد اهم ركائز سياسة ادارة المخاطر التي اتبعتها الشركات الناجحة.



خدمة ككل القطاعات
قيادة المبادرة في تنويع الاستثمارات بالدخول للقطاعات الاقتصادية 'غير المخدومة' او المغطاة على نطاق محدود من بعض العائلات والتي لا تفتأ الحكومة تردد انها ستلتفت فيها، مثل قطاعات الصحة والتعليم والاعلام، وتوسيع تغطية هذه المجالات، وذلك ما فطنت اليه ادارات بعض الشركات، وساعدها في وضع الاطر السلمية لادارة المخاطر.



الاتجاه للعقار
اتجهت غالبية شركات الاستثمار للخروج عن ملعبها بالاستثمار في العقارات بما وفر لها من الدعم والاستقرار في الدخل خصوصا عند تقلب اسواق المال التي تستثمر فيها، من خلال العوائد المحققة من الايجارات بما يوفر الدعم والطمأنينة لشركات الاستثمار في الظروف غير الاعتيادية.



التملك والاستحواذ
بدا لافتا في السنوات الاخيرة اتجاه شركات الاستثمار للاستحواذ على حصص مؤثرة في مؤسسات متنوعة (بنوك، شركات، استثمار، شركات تأمين..) في اسواق مختلفة وهو ما يوفر لها ايضا الدعم والطمأنينة والحصول على ارباح مع اول ايام التملك.



الكر والفر
اتباع سياسة استثمارية مرنة تتيح التحرك بالاستثمارات 'كرا وفرا' من سوق لآخر بين منظومة الاسواق التي تتواجد فيها الشركة حسب وضع وظروف كل سوق من تلك الاسواق.
أخيرا ،هيأت الشركات، التي نجحت في تطبيق هذه الاستراتيجيات بالطبع، ادارة تنفيذية كفوءة وادارة عليا متفهمة لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.