QATAR 11
30-06-2008, 05:42 AM
توقعات بنمو الناتج المحلي 3% في 2008
المقدسي : مؤتمر الدوحة أعاد الثقة بالاقتصاد والمناخ العام يجذب الاستثمارات
الحيوية اللبنانية ومرونة الاقتصاد تساعد علي مواجهة الظروف الصعبة بلبنان
زياد جرجاوي : السياحة تزدهر .. ونسبة الحجوزات في الصيف 100%
ضرورة قيام وزارة السياحة بالرقابة علي المطاعم والمحلات والفنادق لضبط الأسعار
الحاج : أكثر من 10 آلاف تذكرة سفر من الدوحة إلي بيروت
حاطوم : اتفاق الدوحة انعكس إيجابياً علي الموسم السياحي في لبنان
إنها لعبة القدر وحكاية التاريخ والجغرافيا والموقع، التي جعلت لبنان عنواناً لتشكيل السياسات الاقتصادية علي الصعيدين الداخلي والخارجي، في ظل موارد طبيعية وبشرية مميزة ومتاحة، أصبحت بيروت عاصمة التدفقات المالية والاستثمارية خاصة من الدول النفطية، إضافة إلي رؤوس الأموال والخبرات المصرفية الأجنبية.
وكونه يتمتع بموقع جغرافي مميز ومناخ معتدل، استقطب لبنان السياح العرب والأجانب، وأصبح القطاع السياحي والخدماتي ركيزة اقتصاده الوطني، إذ تبلغ عائدات هذا القطاع أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولأن السياحة مرتبطة بالوضع الأمني بشكل كبير، فمن الضروري أن ينعم لبنان بوضع أمني مستقر ومتوازن، حتي يتمكن السائح من قضاء عطلته بأمان وهدوء، ولكن السنوات الأربع الأخيرة التي مرت علي لبنان كانت حافلة بالأحداث والمشاكل التي زعزعت الأمن والاستقرار مما خلق حالة من الخوف وشكل حاجزاً أمام السياح الراغبين بزيارة لبنان.
كما أن العدوان الإسرائيلي علي لبنان في صيف 2006 خلف إضافة إلي الخسائر البشرية دماراً هائلاً في البنية التحتية والمساكن والمؤسسات، بلغ نحو 3.6 مليار دولار.
هذه الحالة انسحبت نتائجها علي القطاع المالي إذ قدر العجز في موازنة العام 2006، بنسبة 40.5% والقطاع الزراعي الذي قدرت خسائره بنحو 200 مليون دولار والقطاع الصناعي الذي بلغت خسائره غير المباشرة بنحو 828 مليون دولار بعد احتراق وتدمير العديد من المصانع.
قطاعا التجارة والخدمات كان لهما النصيب الأكبر من عدوان تموز ، ويعتبر القطاع السياحي أكثر القطاعات تضرراً، فبعد أن كانت التوقعات تشير إلي أن عدد السياح القادمين إلي لبنان سيبلغ 1.6 مليون سائح أي ما يفوق 2 مليار دولار مقدرة مداخيل، تراجع عدد السياح بعد عدوان تموز بنسبة 8.6%.
عام 2007، أبي أن يمر دون أن يترك بصماته علي اقتصاد لبنان، فكان اعتصام المعارضة في وسط بيروت التجاري، أي قلب العاصمة النابض بالأسواق والمقاهي والمطاعم، وانعكاسات ذلك برزت بإقفال 168 مؤسسة وخسارة أكثر من 5 آلاف شخص لوظائفهم، فضلاً عن توقف العديد من الاستثمارات وتجميد المشاريع التي كانت ستنفذ والتي تبلغ قيمها نحو 5 مليارات دولار، منها مشروع اللاندمارك و بوابة بيروت .
آخر فصول ضرب الاقتصاد الوطني كانت في شهر مايو من العام الحالي حيث شهدت الساحة اللبنانية اشتباكات مسلحة بين أبنائها فانزلق اللبنانيون إلي الاقتتال الداخلي وتحولت العاصمة بيروت إلي مدينة أشباح تخلو من مظاهر الحياة وتعج بالمظاهر المسلحة وأصوات الرصاص والقذائف.
في خضم المعارك، أتت مبادرة دولة قطر بدعوة القادة اللبنانيين للاجتماع في الدوحة والحوار حول القضايا المتنازع عليها ووقف الاقتتال، فكان مؤتمر الدوحة نقطة الضوء في عتمة الأوضاع، ووصل القادة اللبنانيون إلي اتفاق علي انتخاب رئيس الجمهورية ووقف إطلاق النار وعودة الهدوء إلي البلاد وإزالة مخيم الاعتصام من وسط بيروت، وهكذا كان، فعاد السلام والأمن والاستقرار إلي ربوع لبنان، وعادت وفود السياح والزائرين بالإقبال علي مكاتب حجوزات الطيران لحجز مقاعدهم علي الطائرات المتجهة إلي بيروت بعدما كانوا قد فقدوا الأمل من الموسم السياحي لصيف ال2008.
هذه المؤشرات الإيجابية التي تلت هدوء الوضع السياسي والأمني اللبناني، والذي كان لمؤتمر الدوحة الفضل الأكبر بتحققه، أفضت إلي توقعات بنمو الناتج المحلي في العام الحالي إلي نحو 3% بحسب تقرير وحدة الخبراء في مجموعة إيكونوميست الاقتصادية العالمية وهذه النسبة أيضاً هي التي يتوقعها صندوق النقد الدولي، حيث كشفت آخر التقديرات التي يعدها أن معدل النمو الاقتصادي ارتفع من صفر% في عام 2006 إلي 2% عام 2007 وتوقعت أن يرتفع إلي أكثر من 25.6 مليار دولار في العام 2008.
وللاطلاع عن كثب علي الوضع الاقتصادي في لبنان هذا العام، وتأثير نتائج مؤتمر الدوحة علي الاقتصاد والسياحة والأمن والعوامل التي تؤثر علي ازدهار الاقتصاد اللبناني، أجرينا حواراً مع الخبير المالي والاقتصادي الدكتور سمير مقدسي الذي أكد أن الاقتصاد اللبناني يتمتع بميزة التأقلم مع التطورات السياسية والأمنية، مما ساعده علي الصمود، مشيراً إلي أن تأثير مؤتمر الدوحة بالنسبة لرفع مستوي الثقة بالاقتصاد اللبناني عموماً.
وحول الوضع الاقتصادي اللبناني في العام الحالي قال د.سمير المقدسي: عموما فان الحيوية اللبنانية ومرونة الاقتصاد اللبناني يساعدان علي مواجهة الظروف الصعبة بكلمة يتمتع بميزة التأقلم مع التطورات السياسية والامنية. هذه الميزة ساعدت لبنان في السنين الماضية علي الصمود الاقتصادي بالرغم من التدهور الأمني والسياسي وان كان ذلك بكلفة عالية تتمثل بارتفاع معدل البطالة والهجرة خصوصا هجرة الشباب اللبناني المتعلم الي الخارج واما حاليا فإن الوضع الاقتصادي لا يزال يعاني من عدم استتباب الوضع السياسي والأمني ما يدفع الي التريث في عمليات الاستثمار الجديد اضافة الي استمرار ارتفاع مستوي البطالة والهجرة وإذا لم تستقر الأمور فمن المرجح ان يظل الاقتصاد اللبناني يعاني من نمو بطيء جدا ولكن في حال استقر الوضع فان تحسن معدل النمو قد يصل الي حوالي ثلاثة بالمئة أو أكثر هذا العام.
وأكدان التأثير الأولي لمؤتمر الدوحة كان جيدا ليس فقط بالنسبة للسياحة والاستثمارات ولكن لجهة رفع مستوي الثقة بالاقتصاد اللبناني عموما. وانه لمؤسف انه حتي هذا اليوم لم يستطع السياسيون اللبنانيون ان يتفقوا علي حكومة وحدة وطنية كما نص عليه اتفاق الدوحة مما انعكس بتوقعات تشاؤمية بالنسبة للمستقبل. وطبعا يبقي الأمل ان يتوصل هؤلاء السياسيون الي اتفاق حول هذه المسألة في أقرب وقت ممكن.
وأشار الي ان معدل النمو السنوي في السنوات 2005 - 2007 كان أقل من واحد بالمئة وهذا الأمر يعود بالطبع الي ان هذه الفترة عرفت احداثاً مأساوية كالاغتيالات السياسية وحرب تموز 2006 وما تبعها من مشاحنات وتوترات سياسية وأمنية وفي هذا الصدد لابد من الاشارة الي ان لبنان قد عاني الكثير الكثير من تشابك العوامل الداخلية والخارجية السلبية في تأجيج الصراع الداخلي وإذا كان للبنان ان يتمكن مستقبلا من الحد من تأثيرات هكذا تشابك فانه لابد من تطوير أداء مؤسساته السياسية بحيث تكتسب مناعة أكبر تجاه التدخلات المؤذية.
ويري د.سمير المقدسي ان المناخ العام في لبنان يشجع علي جلب الاستثمارات والرساميل وذلك بسبب الانفتاح التقليدي للاقتصاد اللبناني ووفرة الكفاءات بالرغم من الهجرة وجغرافية لبنان. بالطبع عندما يتعرض البلد لاحداث سياسية وأمنية كبيرة فإن التأثيرات الايجابية لهذه الميزات تتقلص كما انه يجب التوقف عند بعض العوامل السلبية الأخري كالمعوقات الادارية والاداء المتدني لبعض مؤسسات الدولة ومن هنا فان الاصلاح الاداري والسياسي الجدي يساعد كثيرا علي تقوية الميزات الايجابية للمناخ العام في لبنان.
وقال ان الحيوية اللبنانية ومستوي التعليم والكفاءة وانفتاح لبنان كلها شكلت في الماضي ولا تزال تشكل عوامل مهمة جدا في ازدهار الاقتصاد اللبناني ولكن لابد لاستمرارية اي ازدهار ان يرتقي مستوي الاداء السياسي. فبغياب المساءلة والشفافية في عمل المؤسسات فان تأثيرات العوامل الايجابية تنخفض وأكثر من ذلك فان تثبيت مسار التنمية المستدامة يصبح أكثر صعوبة أن لم نقل مستحيلا هذا هو التحدي الكبير الذي يواجه لبنان.
وحول نسب التضخم وانعكاساته علي الاقتصاد قال د.سمير المقدسي: ليس هناك من احصاءات يمكن الركون اليها بهذا الخصوص ولكن حسب المؤشرات المتوفرة فان معدل التضخم لا يقل عن عشرة بالمئة وقد يصل الي مستويات اعلي من ذلك في الاشهر القادمة. ان انعكاسات التضخم معروفة وهي تصيب اولا الفئات ذات الدخل المحدود بحيث ان مدخولهم لا يلحق بارتفاع مستوي الاسعار. كما ان التضخم يؤدي الي تشوهات في الاستثمارات ويؤدي الي ضغوطات علي ميزان المدفوعات. ان عوامل التضخم في لبنان ترجع الي حد كبير الي انخفاض قيمة الدولار الذي ترتبط به العملة اللبنانية وارتفاع اسعار النفط عالميا يضاف الي ذلك عجز الموازنة المتواصل منذ سنوات عديدة. بالنسبة للحلول فان العوامل الخارجية للتضخم هي خارج سيطرة السلطات المحلية ولكن تبقي العوامل الداخلية التي يمكن للحكومة ان تواجهها بسياسة اقتصادية ومالية ونقدية منسقة تهدف في آن واحد الي السيطرة علي عجز الموازنة وتثبيت المناخات التي تحفز النشاط الاستثماري ضمن اطار تشريعي يتوخي المصلحة العامة.
الموسم السياحي
أما عن الموسم السياحي في لبنان للصيف الحالي ونسبة الحجوزات علي الطائرات وأسباب اختيار السياح للبنان لقضاء عطلتهم، فقال مدير وكالة قطر تورز للسياحة والسفر الاستاذ زياد جرجاوي ان نسبة الحجوزات الي لبنان هذا الصيف هي 100% وبعد مؤتمر الدوحة وصلت السياحة في لبنان الي اوج ازدهارها فالجالية اللبنانية كبيرة جدا في قطر والمواطنين القطريين وأبناء الخليج العربي يحبون الذهاب الي لبنان دون غيره وذلك بسبب قرب المسافة والموقع الجغرافي المميز والمناخ المعتدل والخدمات الحسنة المتوفرة في لبنان.
وأشار الي ان مبادرة شركة طيران الشرق الاوسط بتأمين رحلات من الدوحة الي بيروت سهلت علي المسافرين وأمنت فرصاً أكبر لهم.
كما تطرق جرجاوي الي الخدمات المميزة والاستقبال الرحب الذي يلقاه السياح في لبنان معلقا علي ارتفاع اسعار الخدمات المقدمة الي السائح مؤكدا علي ضرورة قيام وزارة السياحة بالرقابة علي المطاعم والمحال السياحية والفنادق بالاضافة الي عمل الدولة الدائم من أجل حفظ الامن والاستقرار لضمان ازدهار المواسم السياحية.
انعكاس ايجابي
وفي الإطار نفسه التقينا مدير شركة ليدر تورز السياحية اللبنانية القطرية، الاستاذ نظام حاطوم الذي قال ان اتفاق الدوحة كان له وقع ايجابي علي صعيد الموسم السياحي والنهضة الاقتصادية في لبنان مثنيا علي دور قطر في تسوية الخلافات وتخفيف حدة التوتر وحل الازمة اللبنانية ووقف الاقتتال ومن هناك كان اتجاه السياح العرب والجاليات اللبنانية بالذهاب الي لبنان.
وأكد حاطوم ان شركات الطيران بدأت بزيادة رحلاتها الي بيروت لاستيعاب اعداد الراغبين بزيارته.
أما علي صعيد باقي القطاعات السياحية فأكد ان الفنادق في لبنان تشهد نسبة حجوزات ضخمة في الفترة الحالية قد تصل الي 100%.
وعن نشاط شركة ليدر تورز قال حاطوم انها تهتم بالتسويق والترويج السياحي لدولة لبنان والذي يتمثل من خلال السياحة العلاجية والترفيهية والعائلية اضافة الي تنظيم المعارض والمؤتمرات مؤكدا ان نسبة الطلب علي البرامج السياحية والرحلات الي لبنان من قبل الإخوة القطريين تعد كبيرة لعدة عوامل أهمها اللغة المشتركة والمناخ المعتدل ومراكز الترفيه وهذا ما دفع الكثيرين لشراء عقارات ووحدات سكنية في لبنان.
طيران الشرق الاوسط
طيران الشرق الاوسط بدأ هذا العام تسيير رحلاته من الدوحة الي بيروت بمعدل رحلة يوميا ولمعرفة نسبة الحجوزات للصيف الحالي التقينا مدير مكتب طيران الشرق الاوسط في الدوحة الاستاذ جهاد الحاج الذي قال ان حجوزات تذاكر السفر الي لبنان اتت بشكل كبير جدا وأكثر من المتوقع حيث وصل عدد التذاكر الي ما يفوق العشرة الاف تذكرة مؤكدا عدم وجود أماكن علي الطائرات المتوجهة الي بيروت للاشهر الثلاثة المقبلة.
وأشار الحاج الي ان الاحداث الامنية التي حصلت في مايو الماضي خلقت جوا من القلق فتأخرت الحجوزات خاصة من قبل الأخوة القطريين معتبرا ان اتفاق الدوحة له الفضل الأكبر بعودة الحياة الطبيعية الي لبنان وانتعاش الموسم السياحي.
وللاطلاع علي حجوزات الفنادق في بيروت ونسبتها مقارنة مع العام الماضي أجرينا حديثا مع مسؤولة الاتصالات والعلاقات في فندق الموفنبيك في بيروت ريتا شباط التي أكدت ان نسبة الحجوزات في الفندق ارتفعت بشكل ملحوظ وغير مسبوق بعد اتفاق الدوحة وتخطت التوقعات آملة ان تصل النسبة الي 100% حسب تقدير إدارة الفندق.
أما في مقارنة نسبة الحجوزات بين هذا العام والعام الماضي قالت شباط انه لا مجال للمقارنة نظرا لتغيرات الظروف وحالة اللااستقرار الامني سابقا مشيرة الي ان تدفق الحجوزات وازدياد الطلب علي الغرف قد فاق السنة الماضية علما اننا مازلنا في بداية الموسم.
وعن تأثير نتائج اتفاق الدوحة علي صيف لبنان والسياحة قالت شباط ان لبنان ينبض بالتفاؤل والأمل الجديد منذ توقيع اتفاق الدوحة الذي فتح بابا علي حقبة جديدة من الازدهار والعز ويتوقع المسؤولون في قطاع السياحة من مديري الفنادق وأصحاب المطاعم ومنظمي الرحلات السياحية والمتخصصين في الضيافة، فورة سياحية غير مسبوقة، مؤكدة ان وزارة السياحة تتوقع زيادة أكثر من 1.5 مليون سائح للبنان في عام 2008 مع عودة الاستقرار السياسي وقد قامت شركات الطيران بزيادة عدد رحلاتها الي لبنان فوصلت الي اربع رحلات يوميا قادمة من دول الخليج العربي.
وعن مدي تأثير الاشكالات الامنية التي حصلت مؤخرا علي نسبة الحجوزات قالت شباط ان الاشكالات الامنية واقعة في شمال لبنان وليس لها أي تأثير علي الحجوزات في فندق الموفنبيك في بيروت بل علي العكس فإن الحجوزات لا تزال تتدفق كالسابق.
المقدسي : مؤتمر الدوحة أعاد الثقة بالاقتصاد والمناخ العام يجذب الاستثمارات
الحيوية اللبنانية ومرونة الاقتصاد تساعد علي مواجهة الظروف الصعبة بلبنان
زياد جرجاوي : السياحة تزدهر .. ونسبة الحجوزات في الصيف 100%
ضرورة قيام وزارة السياحة بالرقابة علي المطاعم والمحلات والفنادق لضبط الأسعار
الحاج : أكثر من 10 آلاف تذكرة سفر من الدوحة إلي بيروت
حاطوم : اتفاق الدوحة انعكس إيجابياً علي الموسم السياحي في لبنان
إنها لعبة القدر وحكاية التاريخ والجغرافيا والموقع، التي جعلت لبنان عنواناً لتشكيل السياسات الاقتصادية علي الصعيدين الداخلي والخارجي، في ظل موارد طبيعية وبشرية مميزة ومتاحة، أصبحت بيروت عاصمة التدفقات المالية والاستثمارية خاصة من الدول النفطية، إضافة إلي رؤوس الأموال والخبرات المصرفية الأجنبية.
وكونه يتمتع بموقع جغرافي مميز ومناخ معتدل، استقطب لبنان السياح العرب والأجانب، وأصبح القطاع السياحي والخدماتي ركيزة اقتصاده الوطني، إذ تبلغ عائدات هذا القطاع أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولأن السياحة مرتبطة بالوضع الأمني بشكل كبير، فمن الضروري أن ينعم لبنان بوضع أمني مستقر ومتوازن، حتي يتمكن السائح من قضاء عطلته بأمان وهدوء، ولكن السنوات الأربع الأخيرة التي مرت علي لبنان كانت حافلة بالأحداث والمشاكل التي زعزعت الأمن والاستقرار مما خلق حالة من الخوف وشكل حاجزاً أمام السياح الراغبين بزيارة لبنان.
كما أن العدوان الإسرائيلي علي لبنان في صيف 2006 خلف إضافة إلي الخسائر البشرية دماراً هائلاً في البنية التحتية والمساكن والمؤسسات، بلغ نحو 3.6 مليار دولار.
هذه الحالة انسحبت نتائجها علي القطاع المالي إذ قدر العجز في موازنة العام 2006، بنسبة 40.5% والقطاع الزراعي الذي قدرت خسائره بنحو 200 مليون دولار والقطاع الصناعي الذي بلغت خسائره غير المباشرة بنحو 828 مليون دولار بعد احتراق وتدمير العديد من المصانع.
قطاعا التجارة والخدمات كان لهما النصيب الأكبر من عدوان تموز ، ويعتبر القطاع السياحي أكثر القطاعات تضرراً، فبعد أن كانت التوقعات تشير إلي أن عدد السياح القادمين إلي لبنان سيبلغ 1.6 مليون سائح أي ما يفوق 2 مليار دولار مقدرة مداخيل، تراجع عدد السياح بعد عدوان تموز بنسبة 8.6%.
عام 2007، أبي أن يمر دون أن يترك بصماته علي اقتصاد لبنان، فكان اعتصام المعارضة في وسط بيروت التجاري، أي قلب العاصمة النابض بالأسواق والمقاهي والمطاعم، وانعكاسات ذلك برزت بإقفال 168 مؤسسة وخسارة أكثر من 5 آلاف شخص لوظائفهم، فضلاً عن توقف العديد من الاستثمارات وتجميد المشاريع التي كانت ستنفذ والتي تبلغ قيمها نحو 5 مليارات دولار، منها مشروع اللاندمارك و بوابة بيروت .
آخر فصول ضرب الاقتصاد الوطني كانت في شهر مايو من العام الحالي حيث شهدت الساحة اللبنانية اشتباكات مسلحة بين أبنائها فانزلق اللبنانيون إلي الاقتتال الداخلي وتحولت العاصمة بيروت إلي مدينة أشباح تخلو من مظاهر الحياة وتعج بالمظاهر المسلحة وأصوات الرصاص والقذائف.
في خضم المعارك، أتت مبادرة دولة قطر بدعوة القادة اللبنانيين للاجتماع في الدوحة والحوار حول القضايا المتنازع عليها ووقف الاقتتال، فكان مؤتمر الدوحة نقطة الضوء في عتمة الأوضاع، ووصل القادة اللبنانيون إلي اتفاق علي انتخاب رئيس الجمهورية ووقف إطلاق النار وعودة الهدوء إلي البلاد وإزالة مخيم الاعتصام من وسط بيروت، وهكذا كان، فعاد السلام والأمن والاستقرار إلي ربوع لبنان، وعادت وفود السياح والزائرين بالإقبال علي مكاتب حجوزات الطيران لحجز مقاعدهم علي الطائرات المتجهة إلي بيروت بعدما كانوا قد فقدوا الأمل من الموسم السياحي لصيف ال2008.
هذه المؤشرات الإيجابية التي تلت هدوء الوضع السياسي والأمني اللبناني، والذي كان لمؤتمر الدوحة الفضل الأكبر بتحققه، أفضت إلي توقعات بنمو الناتج المحلي في العام الحالي إلي نحو 3% بحسب تقرير وحدة الخبراء في مجموعة إيكونوميست الاقتصادية العالمية وهذه النسبة أيضاً هي التي يتوقعها صندوق النقد الدولي، حيث كشفت آخر التقديرات التي يعدها أن معدل النمو الاقتصادي ارتفع من صفر% في عام 2006 إلي 2% عام 2007 وتوقعت أن يرتفع إلي أكثر من 25.6 مليار دولار في العام 2008.
وللاطلاع عن كثب علي الوضع الاقتصادي في لبنان هذا العام، وتأثير نتائج مؤتمر الدوحة علي الاقتصاد والسياحة والأمن والعوامل التي تؤثر علي ازدهار الاقتصاد اللبناني، أجرينا حواراً مع الخبير المالي والاقتصادي الدكتور سمير مقدسي الذي أكد أن الاقتصاد اللبناني يتمتع بميزة التأقلم مع التطورات السياسية والأمنية، مما ساعده علي الصمود، مشيراً إلي أن تأثير مؤتمر الدوحة بالنسبة لرفع مستوي الثقة بالاقتصاد اللبناني عموماً.
وحول الوضع الاقتصادي اللبناني في العام الحالي قال د.سمير المقدسي: عموما فان الحيوية اللبنانية ومرونة الاقتصاد اللبناني يساعدان علي مواجهة الظروف الصعبة بكلمة يتمتع بميزة التأقلم مع التطورات السياسية والامنية. هذه الميزة ساعدت لبنان في السنين الماضية علي الصمود الاقتصادي بالرغم من التدهور الأمني والسياسي وان كان ذلك بكلفة عالية تتمثل بارتفاع معدل البطالة والهجرة خصوصا هجرة الشباب اللبناني المتعلم الي الخارج واما حاليا فإن الوضع الاقتصادي لا يزال يعاني من عدم استتباب الوضع السياسي والأمني ما يدفع الي التريث في عمليات الاستثمار الجديد اضافة الي استمرار ارتفاع مستوي البطالة والهجرة وإذا لم تستقر الأمور فمن المرجح ان يظل الاقتصاد اللبناني يعاني من نمو بطيء جدا ولكن في حال استقر الوضع فان تحسن معدل النمو قد يصل الي حوالي ثلاثة بالمئة أو أكثر هذا العام.
وأكدان التأثير الأولي لمؤتمر الدوحة كان جيدا ليس فقط بالنسبة للسياحة والاستثمارات ولكن لجهة رفع مستوي الثقة بالاقتصاد اللبناني عموما. وانه لمؤسف انه حتي هذا اليوم لم يستطع السياسيون اللبنانيون ان يتفقوا علي حكومة وحدة وطنية كما نص عليه اتفاق الدوحة مما انعكس بتوقعات تشاؤمية بالنسبة للمستقبل. وطبعا يبقي الأمل ان يتوصل هؤلاء السياسيون الي اتفاق حول هذه المسألة في أقرب وقت ممكن.
وأشار الي ان معدل النمو السنوي في السنوات 2005 - 2007 كان أقل من واحد بالمئة وهذا الأمر يعود بالطبع الي ان هذه الفترة عرفت احداثاً مأساوية كالاغتيالات السياسية وحرب تموز 2006 وما تبعها من مشاحنات وتوترات سياسية وأمنية وفي هذا الصدد لابد من الاشارة الي ان لبنان قد عاني الكثير الكثير من تشابك العوامل الداخلية والخارجية السلبية في تأجيج الصراع الداخلي وإذا كان للبنان ان يتمكن مستقبلا من الحد من تأثيرات هكذا تشابك فانه لابد من تطوير أداء مؤسساته السياسية بحيث تكتسب مناعة أكبر تجاه التدخلات المؤذية.
ويري د.سمير المقدسي ان المناخ العام في لبنان يشجع علي جلب الاستثمارات والرساميل وذلك بسبب الانفتاح التقليدي للاقتصاد اللبناني ووفرة الكفاءات بالرغم من الهجرة وجغرافية لبنان. بالطبع عندما يتعرض البلد لاحداث سياسية وأمنية كبيرة فإن التأثيرات الايجابية لهذه الميزات تتقلص كما انه يجب التوقف عند بعض العوامل السلبية الأخري كالمعوقات الادارية والاداء المتدني لبعض مؤسسات الدولة ومن هنا فان الاصلاح الاداري والسياسي الجدي يساعد كثيرا علي تقوية الميزات الايجابية للمناخ العام في لبنان.
وقال ان الحيوية اللبنانية ومستوي التعليم والكفاءة وانفتاح لبنان كلها شكلت في الماضي ولا تزال تشكل عوامل مهمة جدا في ازدهار الاقتصاد اللبناني ولكن لابد لاستمرارية اي ازدهار ان يرتقي مستوي الاداء السياسي. فبغياب المساءلة والشفافية في عمل المؤسسات فان تأثيرات العوامل الايجابية تنخفض وأكثر من ذلك فان تثبيت مسار التنمية المستدامة يصبح أكثر صعوبة أن لم نقل مستحيلا هذا هو التحدي الكبير الذي يواجه لبنان.
وحول نسب التضخم وانعكاساته علي الاقتصاد قال د.سمير المقدسي: ليس هناك من احصاءات يمكن الركون اليها بهذا الخصوص ولكن حسب المؤشرات المتوفرة فان معدل التضخم لا يقل عن عشرة بالمئة وقد يصل الي مستويات اعلي من ذلك في الاشهر القادمة. ان انعكاسات التضخم معروفة وهي تصيب اولا الفئات ذات الدخل المحدود بحيث ان مدخولهم لا يلحق بارتفاع مستوي الاسعار. كما ان التضخم يؤدي الي تشوهات في الاستثمارات ويؤدي الي ضغوطات علي ميزان المدفوعات. ان عوامل التضخم في لبنان ترجع الي حد كبير الي انخفاض قيمة الدولار الذي ترتبط به العملة اللبنانية وارتفاع اسعار النفط عالميا يضاف الي ذلك عجز الموازنة المتواصل منذ سنوات عديدة. بالنسبة للحلول فان العوامل الخارجية للتضخم هي خارج سيطرة السلطات المحلية ولكن تبقي العوامل الداخلية التي يمكن للحكومة ان تواجهها بسياسة اقتصادية ومالية ونقدية منسقة تهدف في آن واحد الي السيطرة علي عجز الموازنة وتثبيت المناخات التي تحفز النشاط الاستثماري ضمن اطار تشريعي يتوخي المصلحة العامة.
الموسم السياحي
أما عن الموسم السياحي في لبنان للصيف الحالي ونسبة الحجوزات علي الطائرات وأسباب اختيار السياح للبنان لقضاء عطلتهم، فقال مدير وكالة قطر تورز للسياحة والسفر الاستاذ زياد جرجاوي ان نسبة الحجوزات الي لبنان هذا الصيف هي 100% وبعد مؤتمر الدوحة وصلت السياحة في لبنان الي اوج ازدهارها فالجالية اللبنانية كبيرة جدا في قطر والمواطنين القطريين وأبناء الخليج العربي يحبون الذهاب الي لبنان دون غيره وذلك بسبب قرب المسافة والموقع الجغرافي المميز والمناخ المعتدل والخدمات الحسنة المتوفرة في لبنان.
وأشار الي ان مبادرة شركة طيران الشرق الاوسط بتأمين رحلات من الدوحة الي بيروت سهلت علي المسافرين وأمنت فرصاً أكبر لهم.
كما تطرق جرجاوي الي الخدمات المميزة والاستقبال الرحب الذي يلقاه السياح في لبنان معلقا علي ارتفاع اسعار الخدمات المقدمة الي السائح مؤكدا علي ضرورة قيام وزارة السياحة بالرقابة علي المطاعم والمحال السياحية والفنادق بالاضافة الي عمل الدولة الدائم من أجل حفظ الامن والاستقرار لضمان ازدهار المواسم السياحية.
انعكاس ايجابي
وفي الإطار نفسه التقينا مدير شركة ليدر تورز السياحية اللبنانية القطرية، الاستاذ نظام حاطوم الذي قال ان اتفاق الدوحة كان له وقع ايجابي علي صعيد الموسم السياحي والنهضة الاقتصادية في لبنان مثنيا علي دور قطر في تسوية الخلافات وتخفيف حدة التوتر وحل الازمة اللبنانية ووقف الاقتتال ومن هناك كان اتجاه السياح العرب والجاليات اللبنانية بالذهاب الي لبنان.
وأكد حاطوم ان شركات الطيران بدأت بزيادة رحلاتها الي بيروت لاستيعاب اعداد الراغبين بزيارته.
أما علي صعيد باقي القطاعات السياحية فأكد ان الفنادق في لبنان تشهد نسبة حجوزات ضخمة في الفترة الحالية قد تصل الي 100%.
وعن نشاط شركة ليدر تورز قال حاطوم انها تهتم بالتسويق والترويج السياحي لدولة لبنان والذي يتمثل من خلال السياحة العلاجية والترفيهية والعائلية اضافة الي تنظيم المعارض والمؤتمرات مؤكدا ان نسبة الطلب علي البرامج السياحية والرحلات الي لبنان من قبل الإخوة القطريين تعد كبيرة لعدة عوامل أهمها اللغة المشتركة والمناخ المعتدل ومراكز الترفيه وهذا ما دفع الكثيرين لشراء عقارات ووحدات سكنية في لبنان.
طيران الشرق الاوسط
طيران الشرق الاوسط بدأ هذا العام تسيير رحلاته من الدوحة الي بيروت بمعدل رحلة يوميا ولمعرفة نسبة الحجوزات للصيف الحالي التقينا مدير مكتب طيران الشرق الاوسط في الدوحة الاستاذ جهاد الحاج الذي قال ان حجوزات تذاكر السفر الي لبنان اتت بشكل كبير جدا وأكثر من المتوقع حيث وصل عدد التذاكر الي ما يفوق العشرة الاف تذكرة مؤكدا عدم وجود أماكن علي الطائرات المتوجهة الي بيروت للاشهر الثلاثة المقبلة.
وأشار الحاج الي ان الاحداث الامنية التي حصلت في مايو الماضي خلقت جوا من القلق فتأخرت الحجوزات خاصة من قبل الأخوة القطريين معتبرا ان اتفاق الدوحة له الفضل الأكبر بعودة الحياة الطبيعية الي لبنان وانتعاش الموسم السياحي.
وللاطلاع علي حجوزات الفنادق في بيروت ونسبتها مقارنة مع العام الماضي أجرينا حديثا مع مسؤولة الاتصالات والعلاقات في فندق الموفنبيك في بيروت ريتا شباط التي أكدت ان نسبة الحجوزات في الفندق ارتفعت بشكل ملحوظ وغير مسبوق بعد اتفاق الدوحة وتخطت التوقعات آملة ان تصل النسبة الي 100% حسب تقدير إدارة الفندق.
أما في مقارنة نسبة الحجوزات بين هذا العام والعام الماضي قالت شباط انه لا مجال للمقارنة نظرا لتغيرات الظروف وحالة اللااستقرار الامني سابقا مشيرة الي ان تدفق الحجوزات وازدياد الطلب علي الغرف قد فاق السنة الماضية علما اننا مازلنا في بداية الموسم.
وعن تأثير نتائج اتفاق الدوحة علي صيف لبنان والسياحة قالت شباط ان لبنان ينبض بالتفاؤل والأمل الجديد منذ توقيع اتفاق الدوحة الذي فتح بابا علي حقبة جديدة من الازدهار والعز ويتوقع المسؤولون في قطاع السياحة من مديري الفنادق وأصحاب المطاعم ومنظمي الرحلات السياحية والمتخصصين في الضيافة، فورة سياحية غير مسبوقة، مؤكدة ان وزارة السياحة تتوقع زيادة أكثر من 1.5 مليون سائح للبنان في عام 2008 مع عودة الاستقرار السياسي وقد قامت شركات الطيران بزيادة عدد رحلاتها الي لبنان فوصلت الي اربع رحلات يوميا قادمة من دول الخليج العربي.
وعن مدي تأثير الاشكالات الامنية التي حصلت مؤخرا علي نسبة الحجوزات قالت شباط ان الاشكالات الامنية واقعة في شمال لبنان وليس لها أي تأثير علي الحجوزات في فندق الموفنبيك في بيروت بل علي العكس فإن الحجوزات لا تزال تتدفق كالسابق.