المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا بعد يا سوق الأسهم؟



شمعة الحب
01-05-2006, 10:46 PM
ماذا بعد يا سوق الأسهم؟
م. رائد عبد العزيز القديحي - - - 03/04/1427هـ
raida2001@hotmail.com

أتذكر أنني كتبت في هذه الصحيفة الغراء قبل نحو سنتين تقريباً مقالاً عن انجراف الناس نحو سوق الأسهم بطريقة خطيرة وغير مدروسة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى ما لا تُحمد عقباه (وهذا ما حصل بالفعل)، وحذرت فيها من المجازفة بالمدخرات والممتلكات وخطر القروض والاستدانة، وعن الآثار النفسية والاجتماعية التي قد يسببها الهبوط الحاد في نفسيات المتداولين.
واليوم وبعد أن وقع المحظور وحدث الزلزال الذي زلزل قلوب مئات الآلاف من المتداولين والأسر التابعة لهم وحوّل ليلهم إلى كابوس أسود يريدون أن يستيقظوا منه بأي ثمن ولكنهم أدركوا أخيرا (وبعد فوات الآوان) أنهم قد دخلوا (أفواجاً) في نفق مظلم منذ شباط ( فبراير) الماضي وحتى الآن ولم يروا النور بعد، إلا بصيصاً من النور الذي يظهر بين الفينة والأخرى وسرعان ما يختفي، والله وحده يعلم متى سيتمكنون من رؤية هذا النور بشكل نهائي. والخوف كل الخوف أن تتحول تبعات انهيار سوق الأسهم الذي مس تقريباً كل البيوت السعودية من مشكلة اقتصادية إلى مشكلة اجتماعية لا نعرف إلى أين وجهتها.
يا ترى من السبب في ما جرى؟ أهي هيئة سوق المال؟ أم الهوامير؟ أم المضاربون؟ أم المستثمرون؟ أم صغار المساهمين؟ أم صناديق الدولة (صندوق الاستثمارات العامة، صندوق التأمينات الاجتماعية، صندوق معاشات التقاعد)؟ أم صناديق البنوك؟ أم الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلد؟ أم الأوضاع السياسية المختلفة التي تعصف بالعالم من حولنا؟
فلنبدأ بالوضعين الاقتصادي والأمني في البلد، الكل يعرف أن مملكتنا الغالية تعيش الآن في أوج تألقها الاقتصادي بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية التي تؤمن عائداً مجزياً يُساعد على تنفيذ المشاريع الاقتصادية العملاقة ومشاريع البنية التحتية للبلد، هذا إضافة إلى استتباب الأمن والأمان ولله الحمد، إذن يمكننا الآن استبعاد الوضعين الاقتصادي والأمني. طيب.. ماذا عن هيئة سوق المال التي تحظى بنصيب الأسد من الملامة فيما حدث؟
في واقع الأمر، إذا أردنا أن نكون منصفين، فإنه لا يجب علينا أن نلقي اللوم كل اللوم على الهيئة ورجالاتها وقراراتها فقط لأنها وللأسف أصبحت كالشماعة التي يُعلق عليها الجميع أخطاءه على الرغم من وجود العديد من التحفظات عليها وعلى عملها بصفتها الجهة الرقابية والتنظيمية للسوق. إذ يقول مسؤولوها أن ما حدث وما يحدث لا يعدو كونه أكثر من تصحيح طبيعي!! أنا لا أتفق معهم في ذلك لأن التصحيح الطبيعي بحسب العرف الاقتصادي يكون في نطاق من 10 إلى 15 في المائة من القيمة الكلية للمؤشر، ونحن الآن اقتربنا إلى 50 في المائة... فعن أي تصحيح يتكلمون؟ هذا يا سادة يا كرام يسمى انهيار. وإذا كانوا يقولون إن الأسعار تضخمت ولا تعكس الأداء الحقيقي للشركات وهي التي تسمى عرفاً (الخشاش).. طيب لماذا تركوها تتضخم وتصبح فريسة سهلة ولقمة سائغة ولعبة في يد المضاربين والهوامير؟ أليسوا هم الجهة الرقابية والتنفيذية؟
لماذا لا يعلنون عن أسماء المتلاعبين وإيقافهم بل حتى حبسهم إذا ثبتت التهمة عليهم بدلاً من أن يتركوهم يبيعون أسهمهم ويُغرقون السوق بها، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة تدهوره أكثر، وهم بذلك يكافئونهم ولا يعاقبونهم.

نعم هناك الكثير من المواطنين من الذين انساقوا وراء الإشاعات وفكروا في الربح السريع وقاموا بتصرفات خطيرة وغير مدروسة كبيع منازلهم ووضع جميع مدخراتهم واستدانتهم لمبالغ مالية كبيرة من معارفهم أو من البنوك ومنهم من طغى عليه الجشع والطمع ووضع ما وراءه وما أمامه في سوق الأسهم التي بلعت بدورها الأخضر واليابس.. نعم لا أحد ينكر أن هؤلاء الناس يتحملون جزءاً كبيراً مما حصل لهم نتيجة لتصرفاتهم وقراراتهم الخاطئة، ولكن السؤال هنا.. لماذا قاموا بهذه التصرفات؟ ما الذي شجعهم على ذلك؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ أهي فقط بدافع الطمع والجشع وجمع الأموال؟
لا.. إن الغالبية العظمى من المتأثرين بذلك هم أناس بسطاء أرادوا أن يُحسّنوا من دخولهم وركبوا الموجة كما ركبها من قبلهم وراودتهم أحلام الثراء وربما كان مبعث إقدامهم على ذلك هو وثوقهم بقوة سوق الأسهم السعودية والاقتصاد المتين للبلد الذي هو في اطراد ونمو مستمر، وبأنظمة سوق الأسهم التي تشرعها وتحميها هيئة سوق المال.. ولكن النتيجة أن أحلامهم وقبلها أموالهم ذهبت جميعاً أدراج الرياح.
أعتقد أن من أكثر الأمور التي ساعدت على هذه الانهيارات المتتالية إلى جانب عبث المتلاعبين من الهوامير وضعاف النفوس هي محافظ البنوك الاستثمارية الضخمة التي سيلت محافظها وقت النزول وفكرت في مصلحتها فقط وخربت بذلك بيوت ناس كثيرين وأغرقت السوق بالأسهم الأمر الذي بلا شك زاد الطين بلة.
لا أحد يشك في إخلاص وكفاءة هيئة سوق المال ورجالها ولكن يجب عليها أن تضاعف الجهد وأن تبحث عن محفزات جديدة تدفع بالسوق إلى الأمام، لأن الناس أصيبوا بالإحباط الآن، والكل يقول ماذا بعد؟ فبعد القرارات التصحيحية التي أدت إلى السماح للأجانب بالدخول في سوق الأسهم وتجزئتها وإعادة نسبة التذبذب إلى 10 في المائة وإعادة العمل بالكسور... إلخ، اتضح مع مرور الأيام أنها كانت للأسف مجرد (مهدئات)Pain killers وليست حلولاَ جذرية، إذ إن السوق ترتفع بعد الإعلان عن هذه القرارات بيوم أو يومين ومن ثم تعاود الانحدار الشديد مرة أخرى.
أنا شخصياً أعتقد أنه لا بد للسوق من عودة (ارتداد وثبات)، ولكن السؤال هو متى؟ وفي حال عادت السوق فهل ستعود إلى المستويات القياسية التي كانت عليها؟ فلهذا أتقدم إلى هيئة سوق المال الموقرة بهذه الاقتراحات وهي: أن تعلن عن أسماء المتلاعبين وتقوم بإيقافهم وأن تمنعهم من البيع وأن تفرض عليهم غرامات مالية كبيرة، تقليل نسبة التسييل المسموح بها خصوصاً على محافظ البنوك والمحافظ الضخمة، استخدام صناديق الدولة الحالية لغرض التوازن (العرض والطلب) إلى أن يعود السوق إلى وضعه الطبيعي، عمل سوق أول (للشركات القيادية) وسوق ثانٍ (للشركات الجديدة وذات الأداء المالي المنخفض) لكيلا يختلط الحابل بالنابل، إغلاق منتديات الإنترنت التي ساهمت إلى حد كبير في الترويج إلى الإشاعات والتي كانت تعمل لصالح أناس معينين، عمل ضوابط ومنح تراخيص للمحللين الماليين الذين يظهرون على شاشات التلفزة والذين اتضح الآن وبعد الانهيار أن الكثير منهم (متخبطين وغير فاهمين شيء)، التفكير في خبر إيجابي (حل جذري) يُعرض في السوق بالتزامن مع حد نسبة التذبذب الدنيا بـ 10 في المائة وجعل نسبة التذبذب العليا مفتوحة لكي نجتاز بذلك مراحل من الانتظار ويمكن أن يتم ذلك خلال يوم واحد وبعد ذلك يمكن أن تعاد النسبة إلى وضعها الطبيعي، وإذا لم تنفع كل هذه الحلول فلا أقل من إغلاق السوق لمدة معينة هي بمثابة (استراحة المحارب) إلى أن تتضح الأسباب وتهدأ النفوس أو على الأقل للمحافظة على الفتات الذي بقي من الوليمة الدسمة.

هذا والله أعلم!


تعليقات الزوار
03/04/1427هـ ساعة 2:14 مساءً (السعودية)

ان كل ماتفضل به المهندس صحيح وهيئة سوق المال التي تشرع انظباط السوق مسئوله والحكومه مسئوله لان الشعب كله وضع الثقه بجهات التشريع على اساس انه محمي من المخاطر والذي حصل بسوق المال كالذي يحصل بالسوق التجاري بعدم ملاحظة الاسعار اذا كانت الجهات المعنيه ترغب بحلول تحدد قيمة السلع وحصص الشركات بحيث يحدد قيمه للسهم ويترك مجال لتذبذب بحدود 50 ريال حسب قيمة سهم الشركه نسبه وتناسب ولايترك يرتفع اوينزل ويسبب كوارث من الفرد الى الوطن ان سوق الاسهم واجهة الدوله و80بالميه من الشعب داخل هذا السوق