بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى(يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشاّ ولباس التقوى,ذلك خير,ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون) هذا النداء نعمة الله على البشر, وقد علمهم ويسر لهم وشرع لهم, اللباس الذي يستر العورات




المكشوفة,ثم يكون زينة,بهذا الستر,وجمالاً,بدل قبح العري وشناعته,واللباس قد يطلق على ما يواري السوأة وهو اللباس الداخلي , والرياش,قد يطلق على ما يستر الجسم كله ويتجمل به,وهو ظاهر الثياب,كما قد يطلق الرياش






على العيش الرغد والنعمة والمال,وهي كلها معان متداخلة وملازمة,قال عبد الرحمن بن أسلم(يتقي الله فيواري عورته,فذاك لباس التقوى)فهناك تلازم بين شرع الله اللباس لستر العورات والزينة , وبين التقوى,كلاهما لباس,هذا




يستر عورات القلب ويزينه,وذاك يستر عورات الجسم ويزينه,وهما متلازمان,فعن شعور التقوى لله والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح عري الجسد والحياء منه,ومن لا يستحي من الله ولا يتقيه لا يهمه أن يتعرى,ويدعو إلى



العري من الحياء والتقوى,إن ستر الجسد,هي فطرة خلقها الله في الإنسان,ثم هي شريعة أنزلها الله للبشر, وأقدرهم على تنفيذها بما سخر لهم في الأرض من مقدرات وأرزاق,والله يذكر بني آدم بنعمته عليهم في تشريع اللباس




والستر,صيانة لإنسانيتهم من أن تتدهور إلى عرف البهائم,ومن هنا يستطيع المسلم أن يربط بين الحملة الضخمة الموجهة إلى حياء الناس وأخلاقهم,والدعوة السافرة لهم إلى العري الجسدي,باسم الزينة والحضارة,والزينة





الإنسانية,هي زينة الستر,بينما الزينة الحيوانية ,هي زينة العري,ولكن الآدميين في هذا الزمان يرتدون إلى رجعية



جاهلية تردهم إلى عالم البهيمة,فلا يتذكرون نعمة الله بحفظ إنسانيتهم وصيانتها(يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما



أخرج أبويكم من الجنة , ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما , إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم )إنه





النداء الثاني لبني آدم ,أما هذا النداء الثاني فهو التحذير لبني آدم عامة,أن يستسلموا للشيطان , فيما يتخذونه



لأنفسهم من مناهج وشرائع وتقاليد, فيسلمهم إلى الفتنة,كما فعل مع أبويهم من قبل إذ أخرجهما من الجنة ونزع





عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما,فالعري والتكشف الذي يزاولونه,هو عمل من أعمال الفتنة الشيطانية , وتنفيذ



لخطة عدوهم العنيدة في إغواء آدم وبنيه,وهو طرف من المعركة التي لا تهدأ بين الإنسان وعدوه, فلا يدع بنو آدم





لعدوهم أن يفتنهم,وأن ينتصر في هذه المعركة , وأن يملأ منهم جهنم في نهاية المطاف,وزيادة في التحذير ,



واستثارة للحذر,ينبئهم ربهم أن الشيطان يراهم هو وقبيله من حيث لا يرونهم,
ما أسوأ حال الإنسان الذي يتجمل




بالثياب الفاخرة,ونفسه عارية من الأخلاق الفاضلة وقلبه خاوِ من الإيمان,ولقد امتن الله عليك بما جعل لك من اللباس



والزينة ما تستر به جسدك وتتجمل به للآخرين,لذلك جعل ربي شكر نعمة اللباس,أن تتجمل بلباس التقوى




فهو خير اللباس,لا لباس الشهرة,وما جر من فساد للاخلاق وللأنظار,ألم تفكر ولو للحظة,ما فائدة اللباس الفاخر عند




الموت,ونزول القبر وأنت لن تلبسه هناك,إنك تارك دنياك وما فيها ولن تاخذ معك إلا لباس خاص للتراب,لن




تحمل معك الغالي والثمين,لن تتجمل وتتزين,إنه آخر مكان تفكر أن تتزين له,فليسترح بالك من اللهث والجري حتى



الموت وراء الامور الخداعات,لن تحمل معك إلا,لباس التقوى والعمل الصالح,






تامل قول الشاعر,إذا المرء لم يلبس ثياباّ من التقى تقلب عرياناّ ولو كان كاسياّ




كيف تتزين للبشر وأنت تتعرى لرب البشر,كيف لا تستحي من العيب,وأنت تجاهر بالعرى,ولا تتجمل بالحياء, وأنت لا




تتورع عن الذنب,فإن الثياب ستزيدك من قبح وازدراء الناس لك ,لأنه ليس لباس التقوى,من سيجملك في عيون




الناس,تاكد هو الله,ومن سيشينك في عيون الناس أيضاّ,حتما هو الله,فوالله مافي العيش خير,إذا ذهب



الحياء,فالبس لباس التقوى وتجمل بالحياء,تزداد تألقا وجمالاّ.